إيران وتسويق محاربة التطرف والإرهاب

تم نشره الأحد 08 كانون الأوّل / ديسمبر 2013 01:48 صباحاً
إيران وتسويق محاربة التطرف والإرهاب
ياسر الزعاترة

في استقباله لرئيس وزراء بشار الأسد، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، إن “أخطر الإرهابيين الإقليميين والدوليين تجمعوا اليوم في سوريا”، فما الذي يعنيه ذلك معطوفا على تكرار ذات المقولة من قبل بشار مرارا خلال الشهور الماضية في عدد كبير من المقابلات مع وسائل الإعلام العالمية.

إن الجانب الأهم والأكثر إثارة في هذا الوصف الذي يردده الإيرانيون وحلفاؤهم مثل: العراق، وحزب الله للثورة السورية، إنما يتمثل في محاولة إخراجها من دائرة الثورات العربية التي اندلعت فيما عرف بالربيع العربي، إلى حرب مع جماعات إرهابية.

وفيما كان الخطاب الأولي لذلك التحالف هو أن حربا تجري بإرادة غربية صهيونية ضد أحد أهم أركان محور المقاومة والممانعة، فإن هذا الخطاب ما لبث أن أخذ يتراجع، بل يختفي عمليا، لتصبح الحرب في سوريا هي حرب مع الجماعات التكفيرية والإرهابية، ولم يعد الصهاينة والغربيون يحضرون في السياق، مقابل حضور دول عربية، وإقليمية مثل: تركيا!!

ما أرادته إيران من هذا التوجه هو البحث عن دور جديد لها تسوّقه على الغرب، ومعها النظام السوري من أجل الحفاظ على النظام من جهة، فيما يمنحها فرصة التحالف مع الغرب، وبالتالي التمدد الإقليمي دون اعتراض من قبله.

لكن معضلة هذا التوجه أنه يزيد في عزلتها عن العالم الإسلامي (غالبيته السنيّة بتعبير أدق)، بصرف النظر عن طبيعة علاقاتها مع الأنظمة التي ستفرضها تطورات الأحداث، ونتذكر أن معظم الحضور الذي حصلت عليه إيران وحزب الله كان بسبب الموقف من الكيان الصهيوني، الأمر الذي كان مختلفا مثلا عن ركن في التحالف ممثلا في المالكي الذي تعاون مع الاحتلال الأمريكي للعراق.

اللافت في هذا الذي يجري أن البضاعة التي تسوقها إيران، تجد مشترين بالفعل، ليس فقط في أوساط غربية، بل وفي أوساط عربية إسلامية أيضا، لاسيما أن بعض ممارسات القوى المحسوبة على القاعدة لا زالت تثير مخاوف لدى كثيرين بعدما تحول التنظيم إثر مقتل أسامة بن لادن، بل ربما قبل ذلك من قتال العدو البعيد ممثلا في الولايات المتحدة إلى قتال العدو القريب ممثلا في الأنظمة.

هنا تبدو سوريا بالنسبة لأوساط غربية وكأنها “وزيرستان” جديدة، ولكن في منطقة أكثر حساسية، وأقرب إلى الكيان الصهيوني؛ ما يثير الكثير من المخاوف، فضلا عن المخاوف الداخلية، ومن يتابع التقارير الإعلامية الغربية عن الجهاديين الذين يحملون جنسيات أجنبية ويقاتلون الآن في سوريا يدركْ أن البضاعة التي تروجها إيران وبشار على الغرب تبدو رائجة بالفعل.

أما بعض الدول العربية، فهي ترى أن سوريا ربما تكون معركة يجري من خلالها التخلص من بعض من تعدّهم “متطرفين” ويشكلون خطرا على أمنها الداخلي، تماما كما كانت الحال في العراق سابقا.

على هذا الوتر يعزف روحاني، وكذلك بشار، ويبدو أن ذلك هو ما دفع القوى الدولية إلى الاتفاق سريعا بعد اتفاق النووي على عقد مؤتمر جنيف من أجل البحث عن مخرج للأزمة السورية، وذلك بعيدا عن المقولات التقليدية حول دور بشار وبقائه من عدمه، ويبدو أن هاجس “الإرهاب” يبدو حاضرا هنا، إن كان في بعده المتعلق بالحفاظ على الأمن الصهيوني، أم كان في بعده المتعلق بأمن الدول الغربية، فضلا عن الدول الحليفة الأخرى في المنطقة.

مشكلة هذا الخطاب أنه، وإن كان قابلا للتسويق دوليا، فإنه لا يبدو كذلك بالنسبة للجماهير، لاسيما أن الأخيرة لا ترى أن من يحاربون بشار الأسد إرهابيون، بصرف النظر عن خلافها مع بعض ممارساتهم، بمن في ذلك الأوساط التي لا تلتقي مع هذا الخط من الناحية السياسية والفكرية. وربما ترفض ممارساته في الدول الأخرى كما هي الحال في ليبيا واليمن وتونس وغيرها من الدول، لاسيما أن ربيع العرب كان في جوهره ثورة حرية وتعددية، ولن يقبل أحد بالدكتاتورية ولو بثوب إسلامي، حتى لو كان منحازا للدين بطبعه وفطرته، لاسيما أن التفسيرات للدين والشريعة تبدو متباينة بين الأوساط الإسلامية نفسها.

في الظاهر، وربما في المدى القريب تبدو إيران رابحة من أجواء ما بعد جنيف، لاسيما أنه جاء بعد انشغال مصر بوضعها الداخلي، وخروجها من إطار الدور الفاعل في المنطقة، وميل تركيا إلى التفاهم معها (مع إيران) ردا على تآمر أنظمة الثورة المضادة عربيا ضدها، لكن ذلك قد لا يكون نهاية المطاف، فالصراع لا يزال في بدايته، ولن يقبل أحد بأن تصبح إيران سيدة المنطقة، فضلا عن أن ينطوي ذلك على تفاهم لها مع الغرب، وقدر من التصالح مع الكيان الصهيوني.

لا حل إلا بالجوار الحسن بين محاور الإقليم الثلاثة (العرب، تركيا، وإيران)، لكن الجوار الحسن لا يتأتى عبر تصريحات دبلوماسية، كتلك التي يطلقها روحاني وجواد ظريف، وإنما عبر ممارسة عملية، وهذه الأخيرة لا تثير الارتياح إلى الآن، بخاصة في سوريا والعراق، فضلا عن لبنان واليمن وسواها.

( الدستور الأردنية 2013-12-08 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات