سلام نتياهو والسلام الفلسطيني
كما هي عادته وإستراتيجيته المعادية لآمال وأحلام وحقوق الشعب الفلسطيني ، خرج علينا رئيس الوزراء الإسرائيلي بشروط جديدة ليضعها أمام الشعب الفلسطيني معتبرا القبول بها هي المدخل الطبيعي والممكن لصنع السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين .
الشروط الثلاثة التي اعتبرها من وجهة نظرة نصرا للشعب الفلسطيني أن قبل بها هي ، أن يتخلى بمحض إرادته عن حق العودة ، وأن يتخلى عن الحدود ومنطقة الأغوار ويقبل بالمستوطنات ، وأخيرا القبول بيهودية دولة إسرائيل وهو المهم من وجهة نظره .
يريد نتنياهو من خلال هذه الشروط الجديدة القديمة الواضحة والمجمع عليها إسرائيليا أن يقول للفلسطينيين ، لا تحلموا بوطن ولا بدولة ولا حتى بالوصول لمقدساتكم بالقدس ، وذلك بعد أن تتنازلوا بأنفسكم عن جميع حقوقكم التي كفلتها لكم القوانين والشرائع الدولية ، وكأن لسان حاله يقول نريد منكم نفرا نفرا أن تكونوا حراسا فقط على دولتنا اليهودية وشعبنا اليهودي .
أما ما لم يتوقع سماعه أو لم يرغب بسماعه أو لا يؤمن بسماعه من الفلسطينيين عامتهم وخاصتهم هو الموقف الفلسطيني الواضح والثابت الذي لا لبس فيه بالإصرار على حقوقهم وثوابتهم المشروعة ، رغم المحن وجنوحهم للسلام من نقطة ضعف أوصلهم إليها الخبث الغربي المبدئي ، والضعف العربي المزمن ، والخنث الأممي المجرم غير المتزن ، والانقسام الفلسطيني الناشئ المنتن ، وعدم الوضوح بالرؤيا للكثير من القوى والحركات والفصائل المتخبطة بين الموقف والتكتيك والإستراتيجيات .
فقد اجمع الشعب الفلسطيني على حقوقه التي يعتبرها ثوابت لا رجعة عنها ولا تفاوض عليها ، ولا يجوز ولا يمكن ولا يحق لأحد التنازل عنها إلا بمجال حقه الفردي ، فحق العودة المقدس للأراضي التي هجروا منها ، وحقه بالدولة بمقوماتها وبحدودها الدائمة وعاصمتها القدس ، ورفضه المطلق لما يسمى بدولة إسرائيل يهودية الطابع والقومية لما يعنيه هذا الأمر من خطر وجودي على أكثر من مليون ونصف المليون فلسطيني يعيشون داخل فلسطين المحتلة لعام 1948م ، وعلى حق العودة ذاته للمهجرين خارج وداخل دولة فلسطين ، ورفضه لأمن دولة إسرائيل ما لم يتحقق الأمن لدولة وشعب فلسطين ، ورفضه لوجود المستوطنات داخل دولته المستقلة بحدودها الدائمة والمعترف بها ، هي المدخل الطبيعي لعملية السلام العادل والمشرف أو كما أريد له فلسطينيا أن يعيد الحق لهم عن طريق نضال المفاوضات كما يرغب ويضغط العالم بأقسامه المعادي والصديق والمتفرج ، ويقينه مدعوما بالموقف العربي والإسلامي بأنّ الاعتراف بها من قبل حكومات دولة إسرائيل دون قيد أو شرط هو المدخل الحقيقي لعملية السلام وسيشكل طوق النجاة الوحيد والممكن لنجاة شعب إسرائيل وبقاء دولتهم المسخ بالمحيط العربي .
أنّ هذه الحقوق والثوابت الفلسطينية التي ما زال النتن ياهو ومن هم على شاكلته يرفضونها ويتجاهلونها بل يطالبون الشعب الفلسطيني بنسيانها لا شك هي التي ستوصل شعب فلسطين للحرية والعودة والتحرير بإصرارهم عليها ، وهي ذاتها وبرفضها من الجانب الإسرائيلي الرافض للسلام والسلم الدوليين هي التي ستسهم مباشرة بفناء وزوال دولة وشعب إسرائيل .