2013 عـــام بــائــس

تم نشره الأربعاء 01st كانون الثّاني / يناير 2014 11:55 مساءً
2013 عـــام بــائــس
ياسر الزعاترة

ربما منذ عقود، لم نعرف عاما بهذا البؤس الذي كان عليه 2013، مع أن التقييم ربما يكون مختلفا بالنسبة لآخرين رأوه جميلا يانعا بعد تخليصهم من كوابيس معينة، لكننا نتحدث عن غالبية الأمة في أقل تقدير، وهي غالبية حقيقية وليست وهمية، وإن أنكرها من يملكون قابلية إنكار الشمس في رابعة النهار، وهم أنفسهم الذي تفضحهم دائما صناديق الاقتراع في كل الجولات، هذا إن كانوا أصلا ممن يؤمنون بالصناديق، أو جرّبوها، وليسوا ممن يطاردون خياراتها بكل وسيلة ممكنة.

لو لم يكن في هذا العام سوى دفن الثورة المصرية بانقلاب عسكري لكفاه بؤسا، لاسيما أنها الثورة التي فتحت للأمة آفاق الحرية والتحرر والنهوض، فيما أرادها أعداء الحرية تأديبا للشعوب كي لا تفكر بالثورة من جديد، بينما وجد آخرون يسكنهم الحقد بأنواعه؛ على تنوع فصائلهم ودوافعهم، الطائفية والحزبية والأيديولوجية؛ وجدوا أن ما جرى في 3 يوليو قد خلصهم من كابوس الإسلاميين (التقى على هذا الصعيد يساريون وقوميون مع أنظمة يصنفونها رجعية، ويعادونها في ملفات أخرى).

بالنسبة لغالبية الأمة كان ما جرى في 3 يوليو هو انقلاب ضد واحدة من أروع الثورات في التاريخ، واجهاضا لحلم كبير راود الأمة في التحرر، ولم يتوقف الأمر عن مصر، بل طالت مؤامرة إجهاض ربيع العرب سائر محطاته الأخرى، إذ تواصل العبث بثورة اليمن، وكذلك التآمر على ثورتي تونس وليبيا.

على أن الأكثر مرارة دون شك، وإن بدا أقل أهمية (سياسيا) من إجهاض ثورة مصر، إنما يتمثل في استمرار نزيف الشعب السوري، واتفاق العالم أجمع على إطالته بشكل مفتوح بعد أن سلّم النظام سلاحه الكيماوي، وبعد أن تمكن من إقناع الكثيرين بأنه يخوض حربا ضد الإرهاب، وإن على الجميع أن يساعدوه فيها، مع أنهم لم يكونوا في حاجة إلى ذلك، لأن أكثرهم كان يريد الإبقاء على النظام خوفا من البديل.

في سوريا لم تتوقف المعاناة يوما واحدا، وها هو العام يختتم بسيل هائل من البراميل المتفجرة التي يلقيها نظام مجرم على أبناء شعبه، فيما شهد العام بطوله سلسلة من المجازر اليومية، والتي كانت مجزرة الكيماوي إحداها لا أكثر.

قضية فلسطين بدورها لم تكن أفضل حالا، فقد تواصلت رحلة التيه التي بدأت في أوسلو، وتجددت مرة أخرى في ظل القيادة الجديدة التي ورثت ياسر عرفات، ورأينا عودة غير ميمونة إلى المفاوضات دوت توقف الاستيطان، ورأينا قتلا واعتقالا من طرف الاحتلال هو الأعلى منذ عام 2007، بخاصة في الضفة الغربية، ورأينا استمرار التنسيق الأمني واعتقال الشرفاء. أما الأسوأ فهو المخاطر التي تتهدد القضية الآن من خلال “اتفاق إطار” أو اتفاق مرحلي يمكن أن يصفيها من دون أن يضطر القادة إياهم للقول إنهم تنازلوا عما يسمونها الثوابت، مع أن استمرار الحال القائم لا يعني وضعا أفضل. أما قطاع غزة، فقد تواصل حصاره، وازدادت الوطأة بعد الانقلاب في مصر، ولا زال يتعرض للتآمر من أجل إلحاقه بربيع العرب وبما يسمى قوى الإسلام السياسي.

في العراق أيضا، وقبل يومين من نهاية العام، رأينا هجوما على خيام المعتصمين من قبل النظام الذي أغراه ما يجري في سوريا واتفاق النووي الإيراني بمزيد من التشدد في الداخل، فيما ينزف البلد تحت وطأة فساد واسع النطاق، وأوضاع أمنية لا تقل سوءا وبؤسا.

هل يعني ذلك نهاية المطاف، وهل سيكون العام الجديد أفضل حالا؟ يصعب بث التفاؤل بشيء كهذا، فالتآمر بدأ يطال حتى أردوغان في تركيا بسبب موقفه من سوريا ومصر وفلسطين، فيما تستمر لعبة إجهاض الربيع العربي بكل وسيلة ممكنة، وتغرق الأمة في موجة حشد مذهبي غير مسبوق.

ما يجري هو صراع على مصير هذه المنطقة وهويتها، ومن الطبيعي أن يكون ممزوجا بالدم والمعاناة والتضحيات، ولا يتوقع أن تنجلي هذه المرحلة سريعا، لأن تحولات تاريخية في منطقة بالغة الحساسية للعالم أجمع، ما كان لها أن تمر بسهولة أبدا، لكن ذلك كله لا يلغي التفاؤل بأن الأمة كسرت حاجز الخوف، وصوتها لا زال يهدر بنداء الحرية في كل حين، وهي على طريق الحرية والتحرر، وستصل يوما ما، مهما طالت الرحلة وعظمت التضحيات.

( الدستور 2014-01-01 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات