الإصلاح في ظل الأزمات

تم نشره الثلاثاء 07 كانون الثّاني / يناير 2014 12:00 صباحاً
الإصلاح في ظل الأزمات
د.رحيل محمد غرايبة

تعودنا دائماً ومنذ زمن بعيد، أن يتم التداعي الى الإصلاح تحت ضغط الواقع المؤلم، وفي ظلال الأزمات التي ترمي بثقلها على جميع الأطراف، وأحياناً يتأخر التحرك ويتباطأ حتى تستفحل الأزمة، ويتعمق المرض وينتشر، بحيث يصبح الإصلاح ضرباً من ضروب المغامرة، وربما يتم اللجوء إلى جراحات كبيرة وعميقة تشكل خطراً كبيراً واضحاً ينذر بعواقب وخيمة على جميع الأطراف بلا استثناء.

نحن في الأردن لسنا استثناءً من هذا المنهج، حيث أن الأزمة دفعت معظم الأطراف إلى التداعي إلى الإصلاح والبحث عن الحل، وغالباً ما تكون أجواء الأزمة ليست صحيّة تماماً، فهناك آثار واقعية تفرضها الأحداث ، وهناك تراكمات تاريخية لا يمكن تجاوزها، ولذلك نجد أن الأطراف تجتمع في ظل توجسات وهواجس متبادلة، قائمة على ضعف الثقة أو انعدامها أحياناً، وعندما تضعف الثقة وتنعدم تنشأ معيقات وعقبات كبيرة أمام التقدم نحو الحل، وتحول دون الانفراج ودون تحقيق الإصلاح المطلوب، خاصة في ظل دخول مؤثرات جانبية من جهات لا تريد الإصلاح ، أو من قبل وسطاء غير نزيهين يعملون على إذكاء نار الخلاف، وتوسيع شقته للحيلولة دون انكشاف الحقائق التي سوف تطال بعض الجهات أو بعض الأطراف على سبيل الحتم والإلزام.

مرور أكثر من عامين على تجربة حراك الشعوب العربية، وما آلت إليه الأوضاع على الصعيد الإقليمي والمحلي، يحتم على جميع الأطراف إجراء عمليات تقويم ونظر ومراجعة، في ظل قليل من الهدوء والاستقرار، الذي يسهم في تقليل الهواجس والشكوك المتبادلة بين الأطراف، ومحاولة إجراء حوار مجتمعي شامل هادىء وصريح وعميق وجريء، تسود فيه روح وطنية مفعمة بالانتماء والحرص على المصلحة العامة، وينعدم فيه منهج الاستفراد بالمشهد، وروح الإقصاء والتهميش للآخر، وبعيداً عن لغة التخوين والشيطنة.

يمكننا البحث بشكل جماعي عن دور الأردن المستقبلي، دون مبالغة وتهويل من جانب، ودون تبسيط وتهاون من جانب آخر، من خلال النظر في المشهد السياسي القائم على الصُعد العالمية والإقليمية والمحلية واستجلاء التحديات والفرص، بهدوء ورويّة.

نحن بحاجة إلى إحداث توافق واسع وكبير من كل المكونات الاجتماعية على الأرضية الوطنية المشتركة التي تصلح لبناء المشروع الوطني الأردني، بجهود أردنية وسواعد أردنية وأفكار أردنية، تفهم الواقع والبيئة المحيطة بعمق وإدراك لما تملك من مقدرات ومؤهلات، وأفكار مستلهمة من تراثنا وتاريخنا، وحضارتنا وثقافتنا، لا تتناقض مع المشاريع العربية والإسلامية، ولا تتبنى منهج العزلة والانغلاق، ولكن بعيداً عن الارتباط والتبعيّة الضيّقة، التي تجعل الأردن ساحة لمشاريع إقليمية أو مستودعاً لأفكار وافدة، وتحول دون النظر إلى الأردن كدولة ووطن وشعب، مثل كل شعوب الأرض التي تسعى للنمو والتقدم والازدهار بشكل ذاتي من خلال الاستثمار بالإنسان الأردني، وما يملك من فرص ومقدرات تؤهله نحو تحقيق هذا الهدف بكل تأكيد.

إن ما يجري في العراق من حرب طائفية، وما يجري في سورية من تدمير وقتل وتشريد، وما يجري في مصر من تعثر، ومآلات الأحداث في كل من لبنان واليمن وغيرها من الأقطار العربية، يحتم علينا التفكير الجمعي الجاد في مستقبل الأردن ودوره القادم المعزز بالأمل والطموح المشروع .

( الدستور 2014-01-07 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات