العـرب ومـشــروع كـيــري

تم نشره الخميس 09 كانون الثّاني / يناير 2014 12:55 صباحاً
العـرب ومـشــروع كـيــري
ياسر الزعاترة

من الواضح أن جون كيري لن يوقف جولاته وزياراته من دون أن يحقق “الإنجاز” الذي يبحث عنه ممثلا في “اتفاق إطار” بين السلطة والكيان الصهيوني. ولعل أسخف ما يمكن أن تسمعه في هذا المضمار هو أن كيري يضغط على نتنياهو، لكأن بوسعه أن يفعل ذلك، فيما الأمر لا يعدو أن يكون محاولة إقناع ببعض التفصيلات التي تسهّل تمرير الخطة.

ليس كيري بأحرص من نتنياهو على التوصل للاتفاق، ذلك أن مخاوف الانتفاضة الجديدة لا زالت تهيمن على عقله، وهو يدرك أن نذرها تلوح في الأفق، فيما لن يكون بالإمكان وقفها إذا اندلعت في ظل أجواء المنطقة المدججة بالغضب على كل صعيد، واندلاعها يعني تخريب الكثير من المشاريع التي يشتغل عليها في المنطقة، ومنها الاتفاق مع إيران.

الضغوط التي يمارسها كيري تركز على الجانب الفلسطيني، وكما طلب ياسر عرفات (حين ضغطوا عليه في كامب ديفيد صيف العام 2000) غطاءً مصريا سعوديا أردنيا مغربيا لما يتعلق بالقدس في الاتفاق، ها هو عباس يطلب غطاءً مماثلا.

وفيما كان الحصول على الغطاء متعذرا في ذلك الوقت، فإن الموقف اليوم يبدو أسهل، وثمة مؤشرات على أن الحصول على غطاء عربي، سيكون سهلا وميسورا كما يرى كثيرون، وهو ما يمنح أهمية لبعض الحراك الشعبي والنيابي الذي يرفض الضغوط التي يمارسها كيري، ويرفض في الآن نفسه مشروعه للحل.

يعلم الجميع أنه لا يوجد اتفاق يمكن أن يتم في ظل الأجواء الراهنة إلا وسيكون على حساب الأردن، إلى جانب تصفيته للقضية الفلسطينية أيضا، وقد قلنا ألف مرة، إن من يعتقد أن نتنياهو سيعرض على عباس ما سبق أن عُرض على عرفات في كامب ديفيد فهو واهم، بل إن عروض أولمرت قد لا تتوافر أيضا.

الأمر الأول الذي يُجمع عليه الإسرائيليون، هو رفض عودة اللاجئين إلى الأراضي المحتلة العام 48، بل إن حديثا يجري الآن عن نقل الكتلة السكانية من منطقة المثلث (حوالي 300 ألف مواطن) إلى السلطة في سياق تبادل الأراضي للتخلص من عبئهم على “الدولة اليهودية”. ومن يعتقد قبل ذلك وبعده أن الدولة العتيدة الناشئة ستستوعب فلسطينيي الشتات، فهو واهم أيضا، ليس لأنهم سيرفضون ذلك أيضا ضمن شروط الصفقة والسيادة الناقصة، بل أيضا لأن وضع الدولة لن يسمح باستيعابهم، وسيبقون حيث هم؛ ما يعني التوطين العملي.

الأسوأ من ذلك كله هو احتمال فرض شكل من أشكال التداخل بين الوضع الأردني والوضع الفلسطيني بصيغة كونفدرالية، بل ربما فيدرالية من ناحية عملية، وذلك لأجل التخلص أيضا من هاجس الأمن أولا، ومن إشكالية القدس والمقدسات التي ستبقى ضمن السيادة الإسرائيلية مع ترتيبات تتعلق بوصول الفلسطينيين إليها.

ولأنه سيتعذر على عباس الذي يصرخ كل يوم بأنه يرفض التنازل عن الثوابت؛ سيتعذر عليه التوقيع على اتفاق بتلك الروحية البائسة، فإن “اتفاق الإطار”، وبمرجعية عربية ، سيمنحه فرصة القول إن لم يتنازل، وإن الأمر لا يعدو أن يكون اتفاقا مؤقتا، لأن نصوص الاتفاق ستطرح القضايا الإشكالية بوصفها قضايا خلافية سيتم بحثها لاحقا، فيما يعلم الجميع أن المؤقت سيغدو دائما بمرور الوقت، لاسيما بعد أن تحتفل الدولة العتيدة بالحصول على الاعتراف بعضويتها الكاملة في الأمم المتحدة بدعم أمريكي.

ربما مرّ الاتفاق كما يأمل كيري، لكن ذلك لن يعني نهاية المطاف، فإسقاطه سيبقى ممكنا بسواعد الفلسطينيين ودعم أشقائهم العرب، فما يريده هذا ونتنياهو ومن يفاوضون ويسهّلون التفاوض لن يكون قدرا بحال، وفي فلسطين لن يصح إلا الصحيح......

( الدستور 2014-01-09 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات