الدولة الجامعة والهوية الجامعة
![الدولة الجامعة والهوية الجامعة الدولة الجامعة والهوية الجامعة](https://s3-eu-west-1.amazonaws.com/static.jbcgroup.com/amd/pictures/27104.jpg)
لم ينشأ الأردن منذ التأسيس على أي من الأفكار والمشروعات المغلقة كما انه لم ينشأ على أساس من العرق أو الطائفة أو الاثنية وإنما على أساس من الانفتاح وبناء الدولة المدنية وعلى أساس الرد على تيارات الانغلاق والتعصب القطري والفكري والعرقي والديني، لذلك فقد ظلت حدوده وأنظمته مفتوحة أمام كل من وفد إليه بحثا عن قاعدة المواطنة والمشاركة الإنسانية. وهذه فقط هي الفلسفة التي حكمت كافة التفاعلات الوطنية الأردنية منذ تأسيس الكيان الأردني وشكلت مصدرا رئيسا أو عامودا فقريا لمختلف التفاعلات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والتي انعكست بأبسط صورها في تشكيل الحكومات الأردنية منذ تعاقبها والتي ضمت خليطا من المنابت والأصول في تعبير عن القوة الخلاقة للتنوع والتجانس.
واليوم وبعد كل هذه العقود فقد ثبت ان على المستوى الأردني أو على مستوى الدول الأخرى ذات التنوع في قاعدتها الديمغرافية أو السكانية أن التنوع شكل في غالبيتها مصدرا أو أكثر من مصادر قوة الدولة وتقدمها خصوصا إذا ما ارتبط ذلك بالديمقراطية وتوسيع قاعدتها وتجذير العمل بقاعدة التساوي في الحقوق والواجبات.
نسوق ذلك لاعوجاج في الفكر نشعره اليوم بين فئة ربما تكون مدججة بأهداف وأجندة خاصة أو بلا أهداف وما زالت تقع في خطأ التقدير والتحليل إلا أنها لا تكف عن الخطيئة في محاولاتها تصوير هذا التنوع الديمغرافي على انه عبء على الدولة ونقطة ضعف في خاصرتها أو على انه السبب في تشكيل بعض الظواهر الوطنية السلبية أو على انه عائق امام التقدم في بعض الاتجاهات أو على انه احد مصادر الخطر الكامنة. لقد آن الاوان أن نعتز بهذا التنوع لا أن نتعامل معه بحساسية غبية أو مفرطة أو الاستمرار في تصويره على انه رعب مجهول، لنتوقف ونعلن أن في تنوعنا قوتنا وتعدد واحترام لثقافاتنا وإجماع على هويتنا الوطنية الأردنية ولنعلن اعتزازنا بنموذج الدولة الأردنية القائمة على التنوع الايجابي الخلاق الذي يشكل الصورة العملية للدولة العربية الجامعة واعتزازنا بالهوية الوطنية الأردنية الجامعة القادرة على استيعاب كل هذا التنوع داخل حدودها. وبذلك فالأردنيون بتنوعهم وعمق تجربتهم الجماعية شعب عظيم، وهم من شتى المنابت والأصول يدركون أكثر من غيرهم من شعوب المنطقة بحكم تجربتهم الجماعية أن الهوية أي هوية بلا وطن ليست أكثر من مستودع للذكريات لأنه لا مواطنه حقيقية دون وطن حقيقي، ولان المواطنة كذلك لا تقبل القسمة على اثنين.
لذلك نقول أن فكرة الدولة الأردنية متقدمة على أفكار الكثير من أبنائها لأنها فكرة جامعة ومفتوحة وتؤسس لدولة مدنية وعصرية ولانها ما زالت قادرة على استيعاب العديد من الهويات وإدماجها في هوية وطنية جامعة، لنرفع أصواتنا مرة أخرى اعتزازا ولنعلن أن في تنوعنا قوتنا ولنذهب إلى جامعاتنا ومدارسنا وقرانا وأريافنا وبوادينا وشبابنا ونحن نرفع شعارا في تنوعنا قوتنا وإثراء لحياتنا وتعزيزا لأهدافنا الإنسانية واحتراما لتنوعنا الثقافي ونموذجا للدولة العصرية هذا هو نموذج الدولة الأردنية وهويتها الجامعة.