إماراتُ التّجنيد الإجباري للدّارِ والجار

تم نشره السبت 25 كانون الثّاني / يناير 2014 04:36 مساءً
إماراتُ التّجنيد الإجباري للدّارِ والجار
أحمد إبراهيم

• نهضتُ من مقامي هامساً لأولادي (المهندسين منهم والأطباء والتلاميذ)، ولآذانٍ إقتربت مني:

• ولدي.! ..

• طبلتا أذنيك كيف إلتقطتا صدى (التجنيد الإجباري في البلاد.؟)، ولها دوىٌّ كدوىّ النّحل في الفضاء.! .. وأبوك إلتقطها (الصدى) كأنها جرعةُ إنعاشٍ ذكّرتهُ بـ:(برناردشو) مقولته في الصديق الزائف أنّه: (مثل الظلّ، يمشي ورائك حين تكون في الشمس، ويتركك حين تتيه في الظلمة..!)

• وأضيف على برناردشو: (كذلك ياولدي، صديق سباق السيارات في شوارع البلاد، وزميل البارات في بانكوك وبتايا وبمبي، تراه جنبك بأقصى سرعة العدّاد، ثم يتركك ويمشي بسرعته دون أن ينظر للوراء، إذا أنقلبت سيارتك لاسمح الله، أو إرتطمت بما تحوّلها إلى كومة حديد ونار ورماد، وأنت فيها جثة هامدة.!)

• لكنّ زميلك الجندي في خندق الدفاع عن الوطن والشرف والكرامة، فإن الجريح النازف منه ينقذك بقطرات من دمه وهو يئنّ تحت الجروح.! .. والظمآن منه يسقيك من كأسه، ولو بآخر رمق من شدة الظمأ.! .. لأنه تروّض معك على سباق من نوع آخر، سباق من أجل الوطن قبل البدن ياولدي.!

مبادرة صاحب السمو رئيس الدولة ونائبه الأمين حفظهما الله، ما هى الا جرعة الإنعاش، ذكرّتك بما نسيتها من العطاء بعد الأخذ، لقد أخذنا الكثير من هذا الوطن المعطاء ونسينا العطاء، لاتُسمّيه (التجنيد الإجباري بعد الثانوية) فقد كنت جنديّاً للوطن بالولادة، لكن الرفاهيّة أنستك من أنت من تراب الوطن.! .. فأفقدتك هوية الوطن الا في حدود صورة شمسية على بطاقة بلاستيكية (المدفوعة الرسوم.!)

إنّ النفس لأمّارةٌ بالسوء يا ولدي، كلما أشبعتها بالغرائز إزدادت جشعاً.! .. أعطيتها المال، تطلب المزيد.! .. لاتكفيها سيارةٌ واحدة ولا بيت واحد ولازوجة واحدة.! .. إنه بيتٌ من زجاج فوق البرج العاجي، تغريها البهرجة والمظاهر والإستعراضات، وتُزيلها أولى نسيم الرياح.!

وفي المقابل الجندية شرفٌ وتعفُّفٌ يا ولدي، جسمٌ لا يطلب المزيد من اللحوم والشحوم و الملذّات لكرشٍ يترهّل ولايشبع، بل وميدانٌ يحرق الدهون والشحوم والكريستول الخبيث لصلابة العظام وصحّة البدن .. لقد اشبعنا الأجسام كثيراً، فلنُشبع الروح ولو قليلاً بترويض ما يُنعّمُ الروح على حساب البدن.

لاتسموه "التجنيد الإجباري"، إنه تحيةٌ لعلم بلادك، إنه النشيد الوطني لصباحك ومسائك، وإنها الجنة المأوى بأبشر ياوطن، وإنها تربة الوطن لالسجود والصلاة، كنتُ مخطئاً في حقك ياولدي منذ الولادة للرشد، وانا أبادلك الدُّمى الآسيوية من إكسسورات صينية ثم موبايلات كورية ثم الّلابتوب والآيباد بالشبكة العنكبوتية، ثم ودلّلتُك بالدراجات الهوائية الهندية، ثم أخيراً وليس آخراً برفاهية السيارات اليابانية الألمانية الفرنسية الأمريكية.!

صحيح أن النفط نعمةٌ يا الأولاد، لكن..!

لاتسبّوني إن قلت انها نعمةٌ قابل للزوال، ما من تنقيب لآبار النفط وحقول الغاز، إلاّ وبجوارهما رقم الإحتياطي والعمر الإفتراضي.! .. كما الشباب نعمة قابل للزوال، إن لم تصدقوني فأسألوا الآباء والأجداد منهم اليوم من على الكراسي المتحركة، ومنهم على أسرّة دارِالعجزة، ومنهم من قضى نحبه.

لكن الوطن نعمةٌ لاتزول، نعمةٌ لافوقها نعمة ولاتحتها ولاجنبها، ولاحتى قبلها وبعدها، نعمةٌ أشجارها وارفةُ الأظلال .. فليزرع كلٌّ منا شجرةً يجنيه إبنه ثمرا وأحفاده أغصانا، وأبناء أحفاده أشجاراً وأشجاراً.

ترى يا ولدي كيف تدافع عن بيتك وعرضك وشرفك لو تعرضت للأعداء لاقدرالله.! .. الحمدلله الإمارات حدائقُ الأحبة بلا أعداء، بلادُ زايدالسلام وخليفة السلامء، والإمارات تريد السلام لا السلاح بتصريح من الشيخ محمد بن راشد .. لكن السؤال، لو تعرضنا لما هو ليس في الحسبان لاسمح الله كما تعرض بعض الجيران الأشقاء، فهل ستخرج من بيتك ياولدي بالموبايل والآيباد للمواجهة، ام بمفتاح السيارة للهروب.!

مجتمعك مجتمعٌ مُشكّل وغريب، جنبك من يكفر بربك أكثر ممن يؤمن به، ليس كل من على تراب الوطن يحب الوطن وإبن الوطن، خاصة الشريحة التي جلبتها رياح الخيرات وستطير برياح معاكسة، وهى تكره العنصر العربي قبل الإماراتي، ونحن نعاني منهم يومياً بالمحطات والمتروات والممرات والمولات والأسواق بعيون تقول ماتقول.! .. فقد تعرض قبل أعوام على باب إحدى المدارس الخاصة طفلاً إماراتياً لركلةٍ من طفل كوري،طار الأخير في الهواء.!

طيب وما كان المطلوب من هذا الطفل الإماراتي وهو بنفس عمر الطفل الكوري؟ هل سيركض إلى بيته ليأتي بأمه وأبيه وعمّه وأخيه وقبيلته وفصيلة ناقته؟ أم كان عليه ان يخرج من جيبه موبايل آخر موديل ليستعرض به على الغريم والصديق.!

قرارُ رئيس الدولة جاء إليكم حاملاً على كفيه ما كان مختبئا في القلوب، وكما ان مرضُ عضوٍ في الجسد، مرضٌ لكل الجسد، كذلك سلامته سلامة كل الجسد .. وكما أن الصحة البدنية لربّ الأسرة صحةٌ للأسرة والجيران، كذلك الصحّة الوطنية صحةٌ للأبدان والأوطان والجيران .. فلا تسمّوه "التجنيد الإجباري" لما هو الدرع الحصين في خندق الدفاع المقدس، سواء على حفر السواحل والحدود، أم على أبواب المدارس والبيوت.



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات