الاردن وسوريا: اي الخيارات افضل..؟

تم نشره الإثنين 24 شباط / فبراير 2014 01:08 صباحاً
الاردن وسوريا: اي الخيارات افضل..؟
حسين الرواشدة

فيما تتجه انظار المراقبين الى اقتراب عملية عسكرية من الجبهة الجنوبية لسوريا، يبدو السؤال عن الدور الاردني المتوقع بلا اجابات واضحة حتى الآن ، وحتى لو أخذنا بعين الاعتبار موقف ( النأي) بالنفس الذي التزمت به عمان منذ اكثر من عامين من بداية الازمة السورية ،فإن ما حدث بعد فشل (جنيف) دفع الاطراف التي راهنت على ( حل) سياسي يفتح المجال لمرحلة (حكم انتقالي) الى الاستعانة بعملية عسكرية محدودة ومؤثرة ، هدفها الاساسي ( تحريك) المفاوضات من خلال كسر الاستعصاء الذي حاول النظام السوري استخدامه لإطالة امد الصراع او اقناع العالم بأنه يواجه حربا ضد (الارهاب) لا ثورة شعبية .

لم يتردد النظام السوري - بالطبع- عن اعلان مخاوفه من قيام واشنطن باللجوء الى تنفيذ خطة قديمة في إطار (تصحيح) موازين القوى بين النظام و المعارضة المسلحة، وهذه الخطة تعتمد على ( تسخين) الجبهة الجنوبية لسوريا من خلال الدفع بقوات مدربة تنطلق من درعا لتهديد العاصمة السورية وحصارها ، مما يسمح بإقامة ( منطقة) حدودية تتزامن مع منطقة حظر جوي ، وفي حال نجاح الخطة فإن النظام السوري سيكون امام خيار وحيد وهو التوجه الى ( جنيف 3) و القبول بالبند الثاني الذي يتعلق ( بالحكم) الانتقالي، بما يتضمنه من موافقة على بقاء النظام مع تجريد الاسد من صلاحياته وتشكيل حكومة تشارك فيها المعارضة تمهيدا لاعداد دستور جديد و اجراء انتخابات برلمانية و رئاسية .

وسط هذه ( المستجدات) يجد الاردن نفسه محاصرا ، بالعديد من الاسئلة ، فهو يدرك ان بقاءه في المنطقة الرمادية قد يضرّ بمصالحه وعلاقاته مع حلفائه ، كما يدرك ان تقديم الدعم اللوجستي ، ناهيك عن المشاركة المباشرة ، سينقل ( شرارة) الحرب الى داخله ، زد على ذلك ان المخاوف الاردنية من الجماعات الاسلامية المسلحة التي تمددت على حدوده ونجحت في اختراقها احيانا تصاعدت لدرجة دفعت عمان الى منع (المقاتلين ) الذين خرجوا من اراضيه بالعودة الى الاردن مع فرض اجراءات امنية و قانونية للحدّ من انتقالهم الى سوريا مجددا.

امام الاردن ثلاثة خيارات سياسية، لكل منها ثمنه، الاول هو المشاركة بشكل مباشر في ( تسخين الجبهة)، والكلفة المتوقعة هي ( التورط) في حرب مجهولة النتائج، واعطاء النظام السوري المبرر ( للعبث) بالداخل الاردني ، سواء من خلال الردّ المباشر ، او تحريك ( الخلايا)النائمة، او دفع المجموعات المسلحة الى داخل الحدود الاردنية، اما الخيار الثاني فهو ( التدخل ) المتوازن ، وذلك من خلال (الابقاء) على معادلة ( الدعم) لطرفي الصراع، و الحفاظ على قنوات ( الاتصال ) معهما، وهذا يضمن وجود دور اردني في اطار الحفاظ على المصالح و في اطار عدم استعداء الطرفين وعدم ( الصدام) مع الحلفاء، لكن كلفته قد تكون كبيرة ، في حال رجحان كفة اي من طرفي الصراع ، فالنظام قد يغامر - مثلا- بالردّ في حالة احساسه بالانكسار امام المعارضة ، و العكس صحيح ايضا، كما ان من غير المتوقع ان يتمكن الاردن من ( إمساك) العصا من الوسط في هذه المرحلة بالذات ، لان (تسخين) الجبهة الجنوبية يعني بالضرورة ان تكون الحدود الاردنية منطلقا للعمليات .

يبقى الخيار الثالث وهو ( النأي) بالنفس تماما ، وعدم ( التورط) بأي شكل من الاشكال في العملية العسكرية ، ومع انه-نظريا- يبدو خيارا مفضلا،وكلفته قليلة نسبيا ،إلا انه -عمليا- يبدو صعبا، فالاردن لا يستطيع ان يبقى متفرجا على ( النيران) التي تشتعل على حدوده ، كما ان ضغوط حلفائه لا تترك له مجالا اوسع ( للمناورة) السياسية ،ومع انه يدرك ان هوية الصراع اصبحت محددة ( مذهبيا وطائفيا) ويمكن ان تتطور لتصبح ذات صبغة دولية ، الاّ ان حسابات امتدادها - شارك ام لم يشارك- لن تتوقف عند حدود الجيران كلهم ، ومن ضمنها حدوده ، و بالتالي فإن مواجهتها مع وجود ظهير افضل من مواجهتها بصورة( انفرادية).

اعرف ان ثمة تفاصيل اخرى يمكن اضافتها ( كتقدير موقف) لكل خيار ، ومن حيث الاهداف و النتائج ، إيجابا وسلبا ، كما اعرف ان ثمة ( اعتبارات) عابرة للتقديرات و التحليلات التي يمكن طرحها هنا ، لكن لوسألتني عن افضل خيار لقلت انه الخيار (الثالث ) وهو عدم التدخل - ما امكن- في اية عملية عسكرية ،لانه ببساطة لامصلحة لنا بها ، و لا يوجد ضمانة للخروج منها بسلامة ، لأننا لا نعرف من سينتصر بها ، و لا نعرف الى متى ستستمر ولا الى اين ستفضي نتائجها ،كما اننا لايجوز ان نغامر بعلاقاتنا مع محيطنا لمصلحة دولة او اكثر مهما كان وزنها ، و لا ان نغامر ( بوحدتنا) وامننا الداخلي لحساب ( تسخين) جبهات قد ينجح في تحريك قطار المفاوضات وقد يفشل في ذلك .

( الدستور 24/2/2014 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات