منزلق استيراد الغاز «الإسرائيلي»

أكدت المصادر الإعلامية المحلية خبر تعاقد شركة البوتاس، وشركة البرومين الأردنيتين على استيراد الغاز الذي تم العمل على إنجاز استخراجه من البحر الأبيض المتوسط، قبالة السواحل الفلسطينية المحتلة الخاضعة للاحتلال «الإسرائيلي» .
هذا الخبر جاء متزامناً مع الأخبار التي أكدت قرار شركة (بريتش بتروليوم) وقف مشروع استخراج الغاز الأردني، وتفكيك معداتها وترحيلها عن الأرض الأردنية رغم ما تم انفاقه حتى الآن من قبل الشركة والذي تم تقديره بحوالي (350) مليون دينار، بعد أن أكدت التقارير بوجود الغاز بكميات تجارية وأنجزت المراحل الأولى من المشروع بقدر كبير من الأمل القائم على دراسات ومعلومات مؤكدة.
صفقة استيراد الغاز الإسرائيلي، سوف يتم تبريرها من ناحية اقتصادية أمام الجماهير الأردنية والعربية اعتماداً على فاتورة الطاقة الباهظة في ظل ارتفاع أسعار النفط، وما يترتب على ذلك من خسائر، وفي ظل عرقلة وتعطيل استيراد الغاز المصري، وما يتعرض له الأنبوب الناقل من تفجيرات متكررة، بالإضافة إلى عدم استقرار الأوضاع المصرية، خاصة إذا تم تقديم أسعار تفضيلية مغرية للجانب الأردني.
المعلومات الراشحة عن اسرار رحيل( برتش بتروليوم) المفاجىء، ضئيلة وغير مؤكدة، ولا تشعر الشعب الأردني بالاطمئنان، مما يفتح الباب واسعاً للتحليلات من قبل المراقبين السياسيين، بأن هذا الرحيل ليس بريئاً، في ظل تزامنه مع استخراج الغاز الإسرائيلي، مما يرجح أن قرار وقف استخراج الغاز الأردني يحمل ظلالاً تشكيكية، تجعل المواطنين في (حيص بيص).
المشكلة تكمن بأن ربط مصير الشركات الأردنية المهمة مثل البوتاس، بالإضافة إلى امكانية تطوير الصفقة ليصبح الغاز (الإسرائيلي) هو الذي يمثل المصدر الرئيسي للطاقة والإنارة في الأردن، مما يشكل خطراً كبيراً على مستقبل الأردن ومصيره السياسي، ويؤثر تأثيراً بالغاً على السيادة الأردنية، وقدرتها المستقلة على اتخاذ القرارات الجريئة فيما يخص تحولات القضية الفلسطينية، ومسارات تصفيتها على حساب الأردن.
الحكومة الأردنية معنية بالبحث عن مسارات أخرى لحل مشكلة الطاقة، بعيداً عن الارتباط (بالكيان الإسرائيلي)، الذي يعد رمزاً للتمرد على القرارات الدولية، ورمزاً للتجاوزات على حقوق الإنسان، وعدم الالتزام بالعهود والمواثيق مع الأطراف العربية، خاصة عندما نجد الدعم من أمريكا والدول الكبرى صاحبة حق ( الفيتو)، المستخدم دائماً أمام حماية التجاوزات الإسرائيلية، أو لتسويغ الاحتلال الدائم للأرض الفلسطينية، واستمرارها في قضم الأرض، وإقامة المستعمرات، ورفض حق الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم وديارهم، ومحاولاتهم المستمرة في تهويد القدس والأقصى والضفة الغربية والجولان.
ينبغي على الأردن أن يبتعد تماماً عن الارتباط الاقتصادي والمصلحي مع هذا الكيان، وخاصة فيما يتعلق بمسائل الطاقة على وجه التحديد، لما له من أثر مصيري على القرار السيادي الأردني.
الشعب الأردني يرنو أن يكون قادراً على امتلاك القدرة الذاتية على الحصول على مصادر الطاقة عبر حلول دائمة، دون أن يرتبط بأي طرف خارجي يؤدي إلى الانتقاص من السيادة الأردنية واستقلالية قراره السياسي، من خلال الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة، ومن خلال الاستثمار في الصخر الزيتي ومن خلال العلاقات الاقتصادية مع الدول العربية والإسلامية.
( الدستور 24/2/2014 )