العالم ينفجر حروبا!

تم نشره السبت 08 آذار / مارس 2014 12:56 صباحاً
العالم ينفجر حروبا!
طلعت رميح

الحرب والقتل والتدمير في كل مكان، وكأنها حمى تجتاح البشرية، لتثبت أن دول العالم المشكلة للحضارة الإنسانية الراهنة، فقدت صدقية أحاديثها عن التحضر والتقدم وحقوق الإنسان، وأصلها الحق في الحياة. يعود الإنسان دوما إلى وحشية الزمن الأول وإلى شريعة الغاب بين مرحلة وأخرى، وكأن البشرية صكت قانونا سريا بتقليص عدد سكان الأرض بالحروب والقتل في كل قرن من الزمان. الحروب تتوسع وتتزايد أعدادها وتتنوع مساحاتها في القارات، وكان العالم يتحضر إلى حدث دموي ضخم، فإذا لم تحل مشكلة واحدة من تلك النزاعات التي تحولت إلى حروب طوال السنوات الماضية، فكل عام تضاف أزمة وصراع وحرب لا تعرف النهاية هي الأخرى، ليمضي العالم من حرب إلى أخرى جديدة، وكأنه يستعد لحرب كبرى.

كانت الحروب والنزاعات، قد اقتصرت طوال السنوات الماضية على الدول والكيانات الإسلامية، لكنها تنجرف الآن وتذهب باتجاهات دول أخرى، أخطرها أوكرانيا التي يقف فيها الغرب وروسيا في مواجهة هي الأوضح والأصرح والأشد خطرا حتى الآن، فيما تتحضر فنزويلا إلى ذات المصير، بينما مالي وإفريقيا الوسطى ونيجيريا والصومال وقبلهما أفغانستان والعراق وسوريا وفلسطين ..إلخ، على حالها الدامي.

ولعل أشد ما يلفت النظر أننا صرنا نعيش في عالم وصل إلى حد الانقسام الواضح الذي لا تتغير أطرافه أو تحالفاته. صرنا نجد روسيا والصين في موقف موحد في كل تلك النزاعات ومن خلفهما كوريا الشمالية وإيران، كل في إقليمها، فيما أوروبا والولايات المتحدة في الطرف الآخر ومعهما دول أخرى مثل اليابان وكوريا الجنوبية وأستراليا وكندا. وهنا يبدو الأخطر أن كلا من الطرفين الكبار، صارا يمدان تحالفاتهما في العالم ويتدخلان في الصراعات والحروب على خلفية تلك التحالفات المتنامية، حتى كاد المستقبل يحذرنا بأن العالم لن يعرف إلا الانقسام، دون الحياد. والخشية أن يفتح أحد ملفات الصراع الكبرى كحال الكورتين وصراع الهند وباكستان، والصين واليابان ..إلخ.

العالم يتصارع والانقسام الدولي صار عاريا بلا غطاء-الأزمة الأوكرانية- بما يشعرنا بأن الأمور مفتوحة على صراعات أخطر . هنا روسيا ومن خلفها الصين ودول أخرى من دول الاتحاد السوفيتي السابق، في مواجهة دون فواصل ودون دور ونفوذ من دول إقليمية، مع أوروبا والولايات المتحدة . فهل تندلع الحرب؟ وهل إذا اندلعت بين روسيا وأوكرانيا يمكن أن تمتد نيرانها على غرار ما جرى في الحربين الأولى والثانية ؟

التحليل والرؤية لا تقول باحتمالات اندلاع الحرب الآن، وأن ما يجري من صراع لن يتدحرج إلى حرب شاملة، وأن العالم لم يصل إلى هذا الجنون بعد، والأهم أن الأطراف الداخلة في الصراع تدرك موازين القوى في تلك الأزمة جيدا . الغرب يملك قوة قطاع من أهل أوكرانيا، ويملك وسائل ضغط اقتصادية على روسيا على صعيد الاستثمارات في داخل روسيا أو في مجالات التجارة الخارجية والانضمام للمؤسسات الدولية . وروسيا بدورها تملك أوراق ضغط لعل أخطرها إغلاق ممر انسحاب القوات الأمريكية والأطلسية من أفغانستان، وإمداد إيران بصواريخ إس إس 300 وكذا سوريا ..إلخ .وكلها أوراق تدفع للتسوية لا الحرب الشاملة.

لكن الأخطر من وضعية الأزمة وتداعياتها المباشرة – وهي لن تصبح حربا - هو مؤشراتها المستقبلية، إذ أوكرانيا – وربما نصفها- ذاهبة الآن إلى عضوية حلف الأطلنطي، بعدما تحرك البرلمان نحو إقرار قانون يغير ملامح الأمن القومي الأوكراني ويفتح الباب للانضمام إلى حلف الأطلنطي ويلغي القانون الصادر في عام 2010 الذي نص على عدم الانضمام للحلف. المعنى هنا أن حلف الأطلنطي سيصبح على حدود روسيا الاتحادية وسط حالة نزاع ستتواصل بحكم السيطرة الروسية على شبه جزيرة القرم. وهناك بين الصين ومن خلفها روسيا واليابان ومن خلفها أمريكا والأطلنطي، نزاع حول جزر، تصاعد إلى أن أصبح مسألة كرامة وطنية، بما دفع الصين إلى إرسال قطع حربية، وترد اليابان بالمقابل بتصعيد فكرة عودة بناء الجيش الياباني وتطويره، وأفغانستان تضاف إلى مناطق الصراع بين الهند وباكستان ..إلخ.

العالم فوق فوهة بركان، وهو إذ ينفجر حروبا في مختلف المناطق، فالخوف أن تنفجر إحدى الصراعات الكبرى الخامدة في هذه الأجواء، فتحل الكارثة الكبرى بالبشرية.

( الشرق 8/3/2014 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات