انتصار حزب اللـه المكلف في يبرود

تم نشره الأربعاء 19 آذار / مارس 2014 12:53 صباحاً
انتصار حزب اللـه المكلف في يبرود
ياسر الزعاترة

من حق حزب الله أن يحتفل بالانتصار العظيم!! في يبرود، ليس لأنه يمهِّد الطريق إلى القدس التي لا يزال حسن نصر الله يعتبر أن ما يجري في سوريا حربا تردُّ على خدمته وتحالفه لقضيتها، كأن شعب سوريا الذي ثار وبذل أزكى التضحيات شهورا طويلة قبل أن يطلق رصاصة واحدة هو محض عميل للاحتلال الصهيوني، بل أيضا لأن الانتصار هو انتصاره بالفعل، وما كان لجيش بشار من دور في المعركة سوى توفير الغطاء الجوي والمدفعي، وبالطبع لأن وضعه متهالك، ولم يعد يقوى على خوض أية معارك، وهو لا يظهر إلا على قناة الميادين والعالم والمنار حين تحضر كاميراتها لتصوير إنجازاته وبطولاته!!

بوسع حزب الله أن يرفع راية الحسين في معركة يزيد، تماما كما كان ينتصر للمالكي القادم على ظهر الدبابة الأمريكية، وهو يزعم مقاومة الأمريكان والصهاينة، فالطائفية تقبل أسوأ أنواع التناقضات، وهذه ليست سوى واحدة منها، لأن الشعب السوري هو الذي يمثل الحسين الذي ثار على يزيد، مع أن الأخير كانت له جيوش تحقق انتصارات عظيمة ضد أعداء الأمة في ذلك الحين، لم ولن يحقق بشار الأسد عُشر معشارها ولو مكث آل الأسد في الحكم ألف سنة أخرى.

حين يطلق حزب الله الرصاص في قلب بيروت احتفالا بانتصار يبرود، فهذا يعني أنه يمعن في طائفيته، لأنه يعلم أن هناك كثيرين يسمعون صوت الرصاص فيشعرون بالقهر، لا لأنهم طائفيون كما يفسر هو ومحازبوه، بل لأنهم يؤيدون شعبا ثائرا ضد الظلم والاستبداد، تماما كما أيدوا من قبل الشعب المصري والتونسي واليمني والليبي الذين ثاروا ضد أنظمة “سنيّة”. كما أنهم ليسوا صوتا لفريق سياسي يتبع أنظمة تناهض الثورات؛ كل الثورات، بما فيها الثورة السورية حتى لو اضطرت تحت وطأة شارعها أن تفعل العكس؛ بوجود حسابات أخرى أيضا.

ما فعله حزب الله ويفعله في سوريا مكلف إلى حد كبير، وهو ثمن التبعية العمياء للولي الفقيه، ولو كان للعقل مكان، أي مكان، لما كان بوسع حزب يدعي التحرر والمقاومة أن يصطف ضد شعب يطلب الحرية، ولا قيمة للقول إنه يحمي ظهر المقاومة التي لم يكن السوريون ضدها، والتي توقفت عمليا بالقرار 1701 بعد حرب تموز، وقد كان أفضل له أن يتعايش مع بقية اللبنانيين كحزب محترم يمثل طائفة لن يكون بوسع أحد أن يهمشها، خير له من أن يدخل في مزاج عداء مع غالبية الأمة، وليس فقط مع اللبنانيين السنّة، وقطاع لا بأس به من الطوائف الأخرى، وإن تحالف معه بعضها لحسابات قصيرة الأمد.

إنه نصر مكلف ذلك الذي حققه حزب الله في يبرود، وقبله في القصير، وهو قبل ذلك وبعده يفضح حقيقة المشهد السوري، وحيث لا يمكن لنظام بشار أن يصمد لولا التبني الإيراني الكامل له سياسيا واقتصاديا وعسكريا، وذلك في استنزاف دفعه أولا للتخلي عن السلاح الكيماوي السوري، وها إنه يقترب من تخلي إيران عن البرنامج النووي أيضا.

ليس ثمة خسارة أكبر من أن يضع حزب نفسه في مزاج عداء مع غالبية المحيطين به من أبناء الأمة، وهو يوهم نفسه إذ يعتقد أن ميزان القوى سيبقى على حاله إلى الأبد، وما من سبيل غير التعايش، لكنه تعايش له ثمنه الذي ينبغي أن يُدفع.

ولعل السؤال الذي يطرح نفسه على حزب الله، ووليه الفقيه في طهران هو: لنفترض أن منحنى الأحداث في سوريا سيبقى على حاله، وسيواصل النظام تقدمه بهذا القدر أو ذاك؛ كم عاما يحتاج النظام لكي يركّع الشعب السوري، بينما ينتقل العنف إلى لبنان نفسه، وبينما يعجز نوري المالكي عن تركيع العرب السنّة، وسيبقى عاجزا عن ذلك.

لم يكن لدينا أدنى شك في أن الحزب وكتائب المالكي القادمة من العراق، بغطاء من جيش بشار سيدخلون يبرود، فهي ليست ستاليننغراد، وميزان القوى يفرض نفسه في نهاية المطاف، ولولا بسالة الثوار، لما كان لها أن تصمد كل هذا الوقت، لكن السؤال الذي لا بد من طرحه يتعلق بالقوى الداعمة للثورة، والتي انشغلت بحرب بعضها البعض، وما إذا كانت ستواصل تجاهل ما يجري، أم ستقوم بخطوة لتعديل ميزان القوى.

يبقى أن أي سيناريو مهما كان، لن يعني تركيع الشعب السوري، أقله غالبية الشعب السوري، لأن الفجرة وحدهم هم من يعتقدون أن السنّة في سوريا سيكونون مع بشار، بينما يعيشون قبالة جبهته وممارساتها الطائفية، وهؤلاء لتذكير نصر الله يشكلون أكثر من ثلاثة أرباع السكان.

إن شعبا قدم كل هذه التضحيات لم يعد في وارد الركوع، وحتى لو انتهت المعركة بعد سنوات، فإنه لن يلبث أن ينزل إلى الشوارع من جديد منتفضا ضد من استباحوا دمه. نقول ذلك فقط من باب الجدل، لأن المسار القادم لن يكون إلا واحدا من اثنين؛ إما تسوية يرضى بها الشعب، وإما استنزافا طويلا لن يعيد الوضع إلى ما كان عليه بحال من الأحوال. وعلى الصعيد الإقليمي؛ إما تعايش على نحو متوازن، وإما حرب طاحنة تمعن الأقلية في غرورها إذ تعتقد أن بوسعها أن تكسبها بأي حال، مع أن الجميع خاسر دون شك، ربما باستثناء الصهاينة الذين يزعم البعض أنه يخوض المعارك من أجل مواجهتهم.

(المصدر : الدستور 2014-03-19)

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات