إسرائيل والمزيد من العنصرية والتقسيم الطائفي

"إسرائيل دولة عنصرية تقوم بالتطهير العرقي ضد الفلسطينيين" هذا ما وصف به ريتشارد فولك الخبير الدولي ومفوض حقوق الإنسان الفلسطيني في المناطق المحتلة. كان ذلك في مؤتمر صحفي عقده في واشنطن قبيل إنهائه مهمته خلال بضعة أيام.قيمة الشهادة أنها أتت من مسؤول أجنبي وخبير في حقوق الإنسان. تقييم فولك هو إضافة نوعية جديدة تضاف لقرارات كثيرة حول عنصرية دولة الكيان الصهيوني. من ناحية أخرى ولأن إسرائيل دولة أبارتهايد فمن إحدى مواصفاتها تقسيم الناس وفقا لطوائفهم. لقد سنّت الكنيست الإسرائيلي قانوناً يميز بين العرب في منطقة 48 المحتلة. وتقسمهم إلى مسلمين ومسيحيين ودروز. القانون يجعل تمثيل الفلسطينيين في اللجنة الاستشارية لمفوضية المساواة في العمل التابعة لوزارة الاقتصاد. على أساس الطائفة التي ينتمون إليها. معروف أنه يوجد في الحكومة الصهيونية سلطة التكافؤ في فرص العمل، ولها لجنة مسؤولة في وزارة الاقتصاد تمثل فيها هيئات ومؤسسات جماهيرية. والعرب ممثلون فيها كأقلية عربية من دون أية تفاصيل. ما قامت به إسرائيل في هذا القانون هو جعل التمثيل على أساس طائفي، بأن يكون هناك ممثل عن المسلمين العرب وممثل عن المسيحيين مع إسقاط كلمة عرب عن المسيحيين. وممثل عن الدروز. للعلم هذه هي أول مرة في التشريع يتم فيه الفصل وتحويل المسيحية إلى طائفة لها تمثيل. إن هذا القانون هو سياسة مفضوحة من الكيان الصهيوني.معروف أنه في الكيان يكتب في الهوية كلمة عربي للمسلمين والمسيحيين بأنهم مسيحيون. وستزال عنهم كلمة"عرب".
إسرائيل لا تكتفي بهذا بل تقوم على مبدأ التفريق بين مسيحي ومسيحي، ففي الوقت الذي تعتبر فيه الكاثوليك واللاتين والموارنة. مسيحيين غربيين. فإنها تتعامل مع الأرثوذكس والأقباط على أنهم شرقيون.
لقد سلخ الكيان الصهيوني الدروز عن عروبتهم بعد أن كانوا تابعين للإدارة العربية.في أواسط الخميسينات اعترفت باستقلال الدروز دينياً وتم تشكيل المجلس الديني الدرزي في محاولة لضرب العرب بعضهم ببعض. إسرائيل تعزل البدو في النقب عن إخوانهم العرب، وتتعامل معهم كوحدة منفصلة. وما تزال تتركهم في أوضاع حياتية متردية، خاصة في النواحي التعليمية. فنسبة التعليم في أوساطهم في أدنى النسب الموجودة في الكيان الصهيوني. إسرائيل تحاول ضرب الطوائف العربية بعضها ببعض. وتعمل على استمالة بعض زعماء القبائل والعائلات من ذوي النفوس المريضة وتحابيهم على حساب العائلات الأخرى. في محاولة واضحة لتمزيق الصف العربي.
لقد دأبت الأحزاب الصهيونية على إدراج بعض الأسماء العربية في قوائمها الانتخابية بما يتلاءم مع مصالحها ويخدم أهدافها في تفتيت وحدة العرب.
العرب في الكيان الصهيوني يشكلون مواطنين من درجة ثالثة أو رابعة، كذلك في مستوى الخدمات المقدمة إلى مدنهم وقراهم، رغم تغني إسرائيل بالديمقراطية. لقد قدّم مركز عدالة (المركز القانوني لحقوق الأقلية العربية في إسرائيل) تقريراً مفصلاً عن الانتهاكات الحكومية لحقوق الأقلية العربية في الكيان الصهيوني. إلى اللجنة الدولية المنبثقة عن هيئة الأمم المتحدة التي تعنى بمكافحة التمييز العنصري. جاء التقرير رداً على تقرير رسمي إسرائيلي توخي الإشارة إلى (التوجه الرسمي الليبرالي في حكومات الكيان) في التعامل مع حقوق الأقلية العربية.
التقرير يشير إلى وجود 20 قانوناً مميزاً ضد المواطنين العرب. وباستعراض ما جاء فيه وفي النشرات الدورية التي تصدر عن المركز،يتضح أن 17 قانوناً منها هي قوانين مميزة بشكل مباشر وصريح، فهي إما تتعلق بحقوق المواطنين اليهود فقط. أو أنها تحد من حقوق المواطنين العرب في إسرائيل، أما القوانين الثلاثة الباقية فرغم لغتها المعتدلة ونصها المحايد، فإن مدلولها غير المباشر مجحف ومميز ضد العرب الفلسطينيين في المنطقة المحتلة عام 48. تتعلق القوانين الــ17 المذكورة بمجالات مختلفة، فمنها قوانين أساس ومصادر القانون الإسرائيلي. وحقوق المواطنة. وحقوق المشاركة السياسية. وحقوق الإسكان والأرض. والحقوق الثقافية. وحقوق التعليم. والحقوق الدينية،أما القوانين الثلاثة الباقية ذات النص الحايد فتستهدف السيطرة والحد من حقوق الأقلية العربية في إسرائيل فيما يتعلق بالأرض والإسكان.
يلاحظ أنه في السنوات الأخيرة ازدادت حدة سن القوانين العنصرية في الكيان الصهيوني. وفي إحصائية للجنة القانونية العربية في منطقة. 48 فإنه على مدار ستة عقود من عمر الكيان الصهيوني تم سن 32 قانوناً عنصرياً ضد فلسطينيي منطقة 48،أما في الأربع سنوات الأخيرة فقد تم سن 8 قوانين عنصرية ضد أهلنا الفلسطينيين العرب في تلك المنطقة، يتناول معظمها حقوقهم. فوفقاً للقوانين الجديدة يحظر على أهلنا هناك إحياء ذكرى النكبة تحت طائلة المسؤولية والسجن ثلاث سنوات. ووفقاً لأحد القوانين الجديدة يحق لوزير الداخلية الإسرائيلي سحب الجنسية الإسرائيلية من مطلق عربي. منهم. بتهمة الإساءة للأمن الإسرائيلي. وقف إعطاء الجنسية الإسرائيلية للمتزوجين من إسرائيليات (المقصود من عربيات منطقة 48 فهن يحملهن الجنسية الإسرائيلية، وكذلك من الإسرائيليات اليهوديات) إلا وفقاً لطبيعة ظروف كل حالة.رهن الامتيازات التعليمية وحقوق العمل بالشبان الذين يقومون بالخدمة العسكرية في الجيش الإسرائيلي (العرب لا يؤدون الخدمة العسكرية في جيش الاحتلال). وغير ذلك من القوانين العنصرية التي تحد من الإساءة لإسرائيل بأي طريقة كانت. وتحد من وصول العربي إلى الحقوق التي يتمتع بها اليهودي.
ما يجري في الكيان الصهيوني يتقاطع مع كل الدعوات الطائفية والمذهبية والإثنية التي تدعو إليها العديد من القوى قصيرة النظر في الوطن العربي،والتي نرى صداها للأسف يتردد في هذا البلد العربي أو ذاك.لقد عاش المسلمون والمسيحيون بكافة طوائفهم ومذاهبهم طيلة قرون زمنية عديدة في وئام وسلام وإخوة وتسامح كبير.إن الدعوات الطائفية والمذهبية والإثنية تهدف إلى تخريب النسيج الاجتماعي لشعوبنا العربية في دولها من أجل المزيد من تفتيت الدول العربية إلى دويلات طائفية مقتتلة فيما بينها.
يبقى القول: إن المحاولات الصهيونية لن تنجح في دق أسافين الكراهية بين أهلنا المسلمين والمسيحيين في منطقة 48، وسيظلون وحدة واحدة في مجابهة هذا العدو الصهيوني الحاقد.
( الشرق 29/3/2014 )