الخطّة والاستحقاق واللبننة

كل اللبنانيّين عيون شاخصة وآذان صاغية في انتظار الساعة الصفر، حيث تبدأ حركة التغيير بالدوران: أمنيّاً وسياسيّاً.
فالاستحقاق الرئاسي يشكّل بدوره امتحاناً كبيراً بالنسبة إلى رسوخ أقدام الخطَّة الأمنيَّة، ومفاعيل الإجراءات الصارمة والشاملة التي ستُتخذ وتطبّق انطلاقاً من طرابلس. فحال الفيحاء هو الذي "يعبِّر" عن أحوال المناطق الأخرى. وتحديداً ما يُسمَّى "مربَّع الموت".
بل قد يكون الدليل الساطع على عودة الأمن إلى الربوع، وعودة الحياة إلى دورتها الطبيعيَّة، وفي كل الحقول والميادين... ومن دون حاجة إلى شرح يطول. وما رافق عمليّة تأليف الحكومة والبيان الوزاري والثقة كافٍ لإعطاء البرهان.
فكلما اكتشف الناس والمراقبون، هنا وفي الخارج، جدّيَّة الخطة الأمنيَّة، وجدّيَّة الحكومة، وجدّيَّة القيادات السياسيّة بالنسبة إلى تطبيق البنود الأمنيَّة الشاملة، مالَت المواقف الدوليَّة والعربيَّة لمصلحة لبنان والرئاسة والاستقرار.
من هنا التركيز على الاستحقاق وإتمام مُوجباته ومُرتكزاته، كونه يشكِّل برهاناً حيّاً على عودة النبض والحركة إلى هذا اللبنان الممنوع من الاستقرار والاطمئنان...
ما يُعرف، أو بات يُعرف بالنسبة إلى عموم المواطنين، عن الرئيس تمّام سلام، وما أكدته الأيام والتجارب، يوحي إلى كثيرين من اللبنانيّين والعرب والعالم أنَّ الخطة الأمنيَّة ستشقُّ طريقها إلى التنفيذ بحذافيرها. وبكامل بنودها ونصوصها، وعلى نطاق كل الجغرافيا اللبنانيَّة.
طبعاً، ليس من الحكمة، ولا من السهل أيضاً، الخوض منذ الآن في غمار المجهول، وما سيكون عليه لبنان في حال تفسير "الحلم الأمني" وفقاً لما ورد في ديباجة قارئة الفنجان.
وقد أكَّد رؤساء الجمهورية والمجلس والحكومة أن الخطّة الأمنيَّة لم تُتخذ إلاّ بعد دراسات وتمحُّصات لتُركن في الأدراج، بل لتوضع قيد التنفيذ حالما تُنجز الإجراءات المطلوبة.
وإذا كان فريق كبير من ناس طرابلس، ومن أهل البقاعَين، ومن أولئك الذين زرعتهم الأقدار على جانبي الحدود، يصرّون على الاقتداء بتوما ووضع الإصبع في الجرح، فإن المُشرفين على الخطّة وخطواتها يؤكِّدون أن الفرج بات قريباً.
أما عن الاستحقاق الرئاسي، ومساعي "اللبننة"، والتشديد على إجراء الانتخاب ضمن المهلة الدستوريَّة، فحدِّث ولا حَرج. وإذا ما تمَّت أعجوبة اللبننة وأوتيت ثمارها، فإن عقبات متعدِّدة نشكو منها الآن نجدها قد تحلحلت بلا عناء يُذكر.
إنما، لا ننسى، ولا يجوز أن ننسى أنَّ على الكتف حمّالاً. وفي الجوار نهر من الدماء يتدفّق بغزارة. ومن حول هذا اللبنان "المختوم" بمظلّة دوليّة الدنيا قائمة قاعدة، والأزمات تتدفَّق كالأنهر.
على رغم ذلك، قد تتحقَّق الأعجوبة اللبنانيَّة مرَّة أخرى.
(النهار اللبناني 2014-03-30)