ما بعد التاريخ !!

تم نشره الأحد 13 نيسان / أبريل 2014 01:48 صباحاً
ما بعد التاريخ !!
خيري منصور

لو صدقنا ما كتبه فوكوياما على اطلال الحرب الباردة فوق سور برلين المنهار بأن التاريخ قد انتهى، فنحن نعيش منذ عقدين على الأقل مرحلة ما بعد التاريخ، وهي مرحلة تحتاج إلى قواميس جديدة ومصطلحات مختلفة لما ساد في أدبيات التاريخ الكلاسيكي، ومنها مثلا مصطلح السيادة، الذي لم تعد له دلالات واقعية، بل هو موسيقى محلية وخطاب استهلاكي لا يتخطى الحدود الاقليمية للبلدان، فبعد كل تلك المرات التي تحول فيها التدخل الخارجي في الشؤون الداخلية لعدد من البلدان خصوصا في آسيا وافريقيا من حراك دبلوماسي خشن الى حروب تسقط أنظمة أصبح العالم بالفعل قرية، لكن ليس بالمعنى التكنولوجي، أو ما يقصده البعض بنتائج العولمة، انه قرية بمقياس آخر تحدده القوة فقط، فما من مكان بعيد عن البنتاغون مثلا لهذا عبرت الطائرات البحار والقارات لتحقق اهدافا عسكرية وسيق عشرات الالوف من البشر من مختلف القوميات الى قلعة كافكاوية تعج بالكوابيس كغوانتينامو والارجح ان مفهوم ما بعد التاريخ ينسجم ويتناغم مع موجة ما يسمى «المابعديات» بدءا من ما بعد الحداثة وما بعد الاستعمار وما بعد الثورة الصناعية حتى ما بعد المنطق، وهناك مواقف دولية شكلت انقلابا علنيا على المنطق منذ أرسطو الذي وصف الانسان بأنه حيوان سياسي وما يسمى من باب التخفيف والنفاق في الحقيقة ثورة مضادة لمنجزات العقل الانساني وحين قسم جورج بوش الابن العالم الى سواد وبياض وشر محض وخير مطلق اجهز على اهم منجز حضاري وعقلاني في الغرب وهو الجدلية، والبعد الثالث، لهذا وجد من الاوربيين من وصف انقلابه هذا بالعودة الى ما قبل المنطق، وهذه صفة طالما اطلقها الاستشراق الامريكي بالتحديد على العقل الشرقي خصوصا العقل العربي الاسلامي.

لقد اضطر منظر نهاية التاريخ الى مراجعة مواقفه لكنه لم يعتذر عن جوهر اطروحته، تماما كما فعل منظر صراع الحضارات صاموئيل هانتنجتون عندما كتب في مجلة الفورين افيرز الامريكية مقالاً أقرب الى النقد الذاتي خصوصا حول ما قاله عن امريكا التي اصبحت متخصصة في اختراع الاعداء!

ما نخشاه هو ما سوف ينتج عن انعطاب البوصلات كلها وفي مقدمتها البوصلة الاخلاقية فلا نعود نعرف ما اذا كان ما نعيشه هو ما بعد التاريخ أو ما قبله، وما بعد الحداثة أو ما قبلها، وما بعد الانسان أو ما قبله، فالعالم الذي يعاني من اختلال كما وصفه أمين معلوف لم يعد فيه ما يمكن الاجماع عليه، بدءاً من جدول الضرب حتى ثنائية الحرب والسلام.

 (الدستور 2014-04-13)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات