عيون وآذان

تم نشره الإثنين 14 نيسان / أبريل 2014 01:54 صباحاً
عيون وآذان
جهاد الخازن

كانت حسناء ذات بهاء ورواء ثم هرمت وسمنت وترهّلت وتغضّنت، وبقيت تتدلع وتتصنع كأنها صبية فتية. ماذا نقول في مثلها اليوم؟ نقول انتهت الصلاحية، فهي مثل زجاجة لبن (زبادي) تجاوزت تاريخ الاستعمال.

الكلام هذا يفي بالغرض، غير أنهم قديماً لم يعرفوا «الصلاحية» أو «الكولسترول»، وإنما تركوا لنا شعراً جميلاً أو ظريفاً يعبِّر عما تعبر عنه لغة العصر.

قرأت أيام كنت طالب أدب:

لم تفتها شمس النهار بشيء / غير أن لا بقاء للإنسان

ومثله:

أنت نعم المتاع لو كنت تبقى / غير أن لا بقاء للإنسان

وأجمل مما سبق:

وإذا أتوك وقالوا إنها نصف / فإن أطيب نصفيها الذي ذهبا

(المقصود بالنصف أنها في منتصف العمر).

وبالمعنى نفسه:

كثوب يماني تقادم عهده / ورقعته ما شئت في العين واليد

وحاول الشاعر أن يروّج لنفسه مع مَنْ يحب فقال:

يا عزّ هل لك في شيخ فتي أبداً / وقد يكون شباب غير فتيان

وكان غيره أكثر صراحة فقال:

إذا ما أعرضن الفتيات عني / فمَنْ لي أن تساعفني عجوز

كان مجامع اللحيين منها / إذا حسرن عن العرنين كوز

(يتحدث عن انتفاخ أسفل بطنها كآنية).

الفرزدق كان شيخ قومه، إلا أنه كان سفيهاً، وبعض شعره ظريف جداً، إلا أنه لا يصلح للنشر، وهو قال يوماً بعد أن أسنّ عن زوجته:

أنا شيخ ولي امرأة عجوز / تراودني على ما لا يجوز

أقول إن البقية لا تصلح للنشر.

ربما كان ابن الرومي أكثر فجوراً في هجائه من الفرزدق، فهو هجا أكثر مَنْ عاصرهم، وبعضهم كان مدحه قبل ذلك. وله في أبي حفص الوراق والمغنية شنطف ما يملأ ديوان شعر من حجم متوسط.

قال في شنطف:

خفّاضة الرأس ولكنها / لرجلها والردف رفّاعة

وقال أيضاً:

شنطف يا عوذة السماء والأرض وشمس النهار والقمر

إن كان إبليس خالق بشرا فأنت عندي ذلك البشر

صوّرك المارد اللعين فأعطته يداك مقابح الصور

(العوذة: الرَّقية).

ولعل ابن الرومي هجا هذه المغنية على كل حرف من حروف الهجاء، إلا أنني أكتفي أدباً بما سبق.

هو هجا مغنية أخرى اسمها كنيزة فقال:

شاهدت في بعض ما شاهدت مسمعة / كأن يومها يومان في يوم

لها غناء يثيب الله سامعه / ضعفي ثواب صلاة الليل والصوم

أقول إنه فاجر داعر يقضي ليله في المواخير ثم يشكو، ويدين نفسه مع مغنيات زمانه.

شيخ من الأعراب شكا مثله، إلا أنه لزم الأدب فقال:

عجوز ترجّي أن تكون فتية / وقد لجب الجنبان واحدودب الظهر

تدس إلى العطار سلعة بيتها / وهل يصلح العطار ما أفسد الدهر

وجاؤوا بها قبل المحاق بليلة / فكانت محاقاً كله ذلك الشهر

أظرف مما سبق وأصدق قول أحدهم:

وقالوا ما نكحت فقلت: خير / عجوزا من عرينة ذات مال

نكحت كبيرة وغنمت مالا / كذلك البيع مرتخص وغال

أبو نواس كان مثقفاً جداً رغم تهتكه وظريفاً، سُمْعَتُه تتحدث عنه فأختتم به:

الحمد لله اني / على حداثة سنّي

فقت المحبين طرا / ببعض ما شاع عني.

( الحياة 14/4/2014 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات