رئاسة لبنان

تم نشره الخميس 17 نيسان / أبريل 2014 01:49 صباحاً
رئاسة لبنان
سمير عطا الله
صيف 1987 تناولت الغداء مع فيليب تقلا، أشهر وزير خارجية في لبنان. كان موضوع الرئاسة قد بدأ يملأ الصحف قبل عام من موعدها، فقلت للسياسي العريق: «أليس الأمر مبكرا؟!». قال: «جدا. لأن لا رئاسة بعد عام». وهذا ما حدث فعلا. موعد الانتخابات الرئاسية هو مايو (أيار) المقبل. ومن حيث الظاهر، ناخبو الرئيس هم النواب. أما من حيث الواقع التاريخي، فهم مجموعة من القوى الإقليمية والدولية، لأن لبنان حلبة دائمة وليس وطنا مستقرا.

كل ما يملكه اللبنانيون عادة هو التمنيات. الحزبيون، على اختلافهم، يتمنون مرشحهم، والمستقلون يتمنون منقذهم. البعض يريد «رئيسا قويا» مع أن الرئاسة جردت من كل قواها، والأكثرية الصامتة تريد رئيسا يبحر بالدولة والوطن بحنكة وروية ومهارة في هذا العباب الهائل.

لبنان منقسم عموديا بين 8 و14 آذار. وهناك فريق ثالث لا رقم له، لكنه يشكل اليوم العدد الأكبر، هو الفريق الذي يبحث عن بقاء لبنان وخلاصه، بدل الذوبان في النار السورية والغرق في رمادها. ليس تنكرا للمأساة السورية، بل من أجل أن يظل لبنان قادرا على استقبال عائلاتها وأطفالها وعمالها. ما من بلد في العالم يشهد هذا المعدل من النازحين قياسا بالمواطنين.

يشكل النازحون قوة تجاذب واستقطاب إضافية في معمعة التوترات الطائفية والمذهبية المغلفة برقائق وطنية سريعة الذوبان. وفي حمأة هذا الغليان السني - الشيعي، الذي لم يعد له اسم آخر في العالم العربي، يحتاج لبنان أن يكون الرئيس المسيحي مقبولا من الجميع، ومطمئنا للجميع، وموضع ثقة كبرى في فهمه واستيعابه لمعاني التاريخ الإسلامي.

كان الرئيس اللبناني غالبا يتمتع بعمق الثقافة الإسلامية، مثل الشيخ بشارة الخوري، أو بعمق النزاهة حيال الإسلام، مثل فؤاد شهاب. لكنه اليوم في حاجة إلى مزيج من الاثنين، إلى صاحب سيرة أصيلة وتاريخ بين في عروبته، فهي في طبعه لا في حواضره، وسيرة لا تنتهي، لا فصل يبدأ.

الذين أدركوا هذا الواقع من الرؤساء حموا لبنان وأبقوه خارج التلاطم. حفظوا كرامته ولم يمسوا كرامة الآخرين. لم تكن قوة فؤاد شهاب في شعبيته الداخلية، بل في التوافق العربي والدولي على إنجاح تجربته. الآن، لبنان ليس في تجربة، بل في محنة تاريخية وبراكين. قد لا تكون الحكمة الكبرى كافية لإنقاذه، لكنها ترده عن الهوة.

 (الشرق الاوسط 2014-04-16)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات