مالفرق بين بشار والخمير الحمر ؟

تم نشره السبت 26 نيسان / أبريل 2014 01:09 صباحاً
مالفرق بين بشار والخمير الحمر ؟
طلعت رميح

لم نسمع في العالم وعبر تاريخ البشرية المليء بالمآسي -ولا حتى في زمن الفاشية والنازية خلال الحربين العالميتين الأولى والثانية-عن رئيس يقتل شعبه، أطفالا ونساء وشيوخا وشبابا، بهذه الطريقة المروعة ولهذه المدة الزمنية الطويلة.

لم نر أبداً حاكما لا يكتفي بقصف شعبه بالطائرات والدبابات والمدفعية والصواريخ، بل يأمر بتعبئة البراميل بالمتفجرات لتقتل طائراته أكبر عدد ممكن من أبناء وطنه ولتهدم أكبر عدد ممكن من المساكن فوق رؤوس ساكنيها العزل، ثم لا يهرب أو حتى يتوارى خجلا، بل يقدم على ترشيح نفسه لرئاسة الدولة ويطلب من الناخبين انتخابه.

قتل بشار ما يزيد على 200 ألف إنسان وهجر الملايين من أبناء الشعب طوال ثلاث سنوات، ولا يزال يقتل ويهجر في السنة الرابعة، ووسط القتل وفيما هو واقف فوق القبور - وكل مكان في سوريا لم يعد يخلو من القبور - وبين المباني المهدمة على من كان فيها من السكان، يظهر مبتسما ليؤكد على ما أعلنه أحد أذنابه من ترشح فخامته لرئاسة شعبه لفترة جديدة.

لسان حال البشر والإنسانية كلها يقول له: أمترشح أنت لنيل أصوات الموتى أم المهجرين؟

العالم يسجل الآن اختراعين لبشار الأسد، أولهما البراميل المتفجرة لقتل أكبر عدد من البشر، والثاني الترشيح للرئاسة وقوفا وممارسة للدعاية الانتخابية فوق القبور وبين أطلال مساكن المغدورين والمهجرين قسرا وعدوانا بجرائم قواته. وبذلك لا يجوز لأحد من الآن فصاعدا، أن يقول إن العالم العربي لم يتحف البشرية والإنسانية بأسوأ الحكام، وأن ليس لهؤلاء بصمة واضحة في التاريخ الإنساني من بوابة إسالة أكبر قدر من دماء شعوبهم.

لقد وصل الغرب لنموذج الحكم الديمقراطي الذي يحتكم لإرادة الناس في الاختيار الحر، أما حكامنا فاخترعوا الحكم بالبراميل المتفجرة. وإذا كان الغرب حدد أن ينال المرشح أصوات الأحياء، فقد دشن حكامنا زمنا يقتل الرئيس الشعب ثم يبقي أسماء المقتولين في جداول الانتخاب ويعلن فوزه وأن الشعب اختاره.

وإذا كان الغرب قد جعل الديمقراطية عنوانا للاستقرار، فمن حكامنا من جعل القتل والتشريد أداة للوصول إلى الحكم وتحقيق الاستقرار لنفسه عبر قتل كل من يرفض حكمه.

هنا قد يقول البعض مستنكرا: كيف تقول إن العالم لم يعرف كل تلك الجرائم من قبل وكيف القول بأن التاريخ سيسجل لهم قتل شعوبهم، ألم تسمع بهتلر وموسوليني واستالين، ومن بعد ألم ترَ كيف فعل الخمير الحمر في بلادهم وغيرهم وغيرهم من الطغاة. وللأسف فإن ما ارتكبه بشار يفوق ما فعله أي من الطغاة، هتلر لم يقتل شعبه كما فعل بشار وكذلك موسوليني، هتلر وموسوليني زجَّا بلادهما في حروب خاسرة وعنصرية نعم، لكن من قتل شعبيهما بالسلاح مباشرة لم تكن لا قوات هتلر ولا قوات موسوليني.

ووقائع القتل المتهم بها الطاغيتان كانت تتعلق باليهود والمحارق وبالشعوب الأخرى، وهي بطبيعة الحال جرائم، إذ لا يقر أحد بقتل الشعوب الأخرى بالطبع، لكن الملاحظة هنا أن بشار لم يفعل ذلك إلا بشعبه هو.

وهتلر وموسوليني لم يقتلا الناس ثم يتقدمان – دون أن يزرفا حتى دموع تماسيح- ليقولا لهم انتخبونا، فنحن أصلح الحكام، وإذ تشارك استالين وبشار في قتل مواطنين من شعبهما بقصد القتل، فإن استالين ترك روسيا دولة عظمى منتصرة في الحرب العالمية الثانية، ولم يقبل أن تأتي قوات عسكرية من بلد آخر لتقتل شعبه، لقد دافع استالين عن وطنه وشعبه، لكن بشار لم يكتف بقتل شعبه، بل جلب إيران وميلشيا نصر الله والعصائب وأبو الفضل العباس من خارج الحدود لتحميه هو من شعبه ولتقتل شعبه الثائر ضده.

بشار جلب محتلا وقتلة ليقتلوا شعبه، أما القول بأن ما فعله بشار أقرب إلى ما فعله الخمير الحمر بشعبهم في كمبوديا، فتلك المقارنة صحيحة بالفعل، إذ يتشابه بشار والخمير الحمر، إذ إن كلاهما قاتل لشعبه، لكن بشار يظل متفوقا في إجرامه على الخمير الحمر، الذين لم يجلبوا محتلا لأرض وطنهم لكي يقتل شعبهم على أرضهم.

تلك وقائع التاريخ، فلم نسمع عن حاكم يقتل شعبه ويجلب آخرين ليشاركوه في قتل شعبه.

( الشرق 26/4/2014 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات