رفسنجاني ومعركته داخل إيران

تم نشره السبت 26 نيسان / أبريل 2014 01:35 صباحاً
رفسنجاني ومعركته داخل إيران
راجح الخوري

عندما يقول علي أكبر هاشمي رفسنجاني إن هناك مكانة عظيمة للسعودية وإيران في العالم، فإنه لا يضيف شيئا إلى هذا الواقع المؤكد، أما عندما يقول: «لو تناسق البلدان في قضايا المنطقة والعالم الإسلامي لما توفر المجال لمثيري الفتنة بين المسلمين لزرع الخلافات بين المذاهب الإسلامية». فيجدر أن يكون الكلام موجها إلى القيادة الإيرانية أكثر منه إلى القيادة السعودية، إذ ليس خافيا على أحد أن طهران هي التي تنفخ في رياح الخلافات وإثارة التناقضات وافتعال المشاكل ما بين المحيط والخليج.

رفسنجاني كان يتحدث إلى السفير السعودي في طهران عبد الرحمن بن غرمان الشهري، عندما تعمد التأكيد على أن ترتيب العلاقات بين السعودية وإيران سيدفع الدول الإسلامية إلى تحسين العلاقات والروابط فيما بينها، داعيا إلى ضرورة تنظيم المعايير لتعاون العالم الإسلامي لأن الخلافات تؤدي إلى المزيد من زعزعة الأمن القومي وتضييع إمكانيات الدول الإسلامية!

الذين قرأوا كلام رفسنجاني تساءلوا في ضوء ما يعرف عن مواقفه: هل هذا الكلام موجه ضمنا على الأقل إلى المرشد علي خامنئي؟ وهل يستمع خامنئي أو يعمل وفق ما يقتضيه هذا الكلام، فيوقف سياسات التدخل في شؤون الدول الإسلامية الأخرى حيث تبدو هذه التدخلات جلية في اليمن والبحرين والكويت والعراق ومصر والسودان والمغرب وتونس والإمارات ولبنان، وحتى في داخل المنطقة الشرقية من السعودية نفسها؟

طبعا لا يناقش أحد في أهمية المكانة العظيمة للسعودية وإيران ليس في العالم الإسلامي فحسب، بل في العالم كله الذي يشكل الإسلام القسم الأكثر حيوية فيه، ولا يناقش أحد في أن أميركا والصهيونية سهرتا منذ عقود على إطلاق رياح الفتنة المذهبية البغيضة بين المسلمين، ولكن لا يناقش أحد أيضا في أن الاندفاعات الإيرانية في الإقليم، سواء على خلفيات السعي إلى فرض النفوذ المذهبي، أو إلى لعب دور محوري، هي التي ساهمت في إذكاء المشاعر المذهبية.

منذ بداية عمليات ما سمي «تصدير الثورة» الإيرانية إلى اليوم، نشأت خلافات شديدة بين السعودية وإيران حول الكثير من ملفات المنطقة وأحداثها، وقد أسهم الملف النووي الإيراني واستعراضات القوة في منطقة الخليج، ومحاولات الفرز الداخلي لبعض المجتمعات العربية على خلفية مذهبية، في تعميق الخلافات، التي تبرز في شكل أساسي الآن حول الأوضاع الكارثية في سوريا حيث تقاتل إيران إلى جانب النظام الذي يبطش بالشعب، وأيضا حول التدخل المتزايد في اليمن، فإذا أضفنا إلى هذا ما يجري في العراق الذي سلمه الأميركيون إلى نوري المالكي رجل إيران، تبدو طهران وكأنها تسعى إلى خلق حزام من الاضطراب والمشاكل حول السعودية!

وإذا كان رفسنجاني تعمد الإشارة إلى زيارته سابقا إلى الرياض لتحسين العلاقات بين البلدين، حيث سعى ويسعى جاهدا إلى منع نشوب كل ما يعكر الأجواء بين المسلمين، وهي النار التي يتأكد يوما بعد يوم أن أميركا وإسرائيل تنفخان فيها، وأن العامل الذي يساعدهما في هذا هو المشاعر السلبية التي تخلفها التدخلات الإيرانية في شؤون الدول الأخرى وخصوصا الخليجية منها!

ليس سرا أن «أعداء الإسلام يفرحون حينما يرون بعض المسلمين يقتلون بعضهم بعضا بسبب معتقدات باطلة وجاهلة» كما يقول رفسنجاني، ولكن من الضروري في هذا السياق التوقف مثلا أمام المقتلة الرهيبة، التي تجري في سوريا منذ ثلاث سنوات، وإجراء مقارنة بسيطة لكنها معبرة بين ما تفعله إيران التي تقاتل عسكريا مع أذرعها العسكرية العراقية واللبنانية إلى جانب النظام في هذه الحرب التي أودت بعشرات الآلاف من المسلمين، وبين ما تفعله السعودية التي وإن كانت تدعم الشعب السوري ضد النظام الديكتاتوري الذي لم يتورع عن قصف مواطنيه بالطيران والصواريخ والبراميل المتفجرة وقد أضيف إليها في اليومين الماضيين الغاز القاتل الممنوع دوليا، إلا أنها تمنع مواطنيها المشاركة في هذه المقتلة.

فليس سرا أن خادم الحرمين الشريفين أصدر أمرا ملكيا في 2 فبراير (شباط) الماضي ينص على عقوبة السجن مدة تتراوح بين 3 و20 سنة لكل من يشارك في أعمال قتالية خارج المملكة، كما أن كلمته قبل يومين أمام المؤتمر الذي استضافته المدينة المنورة بعنوان «العالم الإسلامي - المشكلات والحلول»، تشكل نبراسا وأساسا للتصالح والتسامح والاعتدال ودعم جهود التضامن لرأب الصدع الذي أصاب الصف الإسلامي وإنهاء الحال العصيبة التي أضعفت العالم الإسلامي!

( الشرق الاوسط 26/4/2014 )



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات