من الاحتلال .. إلى الاستحلال!

تم نشره الأحد 27 نيسان / أبريل 2014 02:29 صباحاً
من الاحتلال .. إلى الاستحلال!
خيري منصور

حين تتجرأ إسرائيل على تخيير السلطة الفلسطينية بين السلام والمصالحة مع حماس فتلك حرب سياسية وايديولوجية، قد تكون من بعض النواحي أشد وقعاً على النفس من هزيمة حزيران 1967، ذلك لسببين على الاقل، أولهما انها تفرض نفسها وصية على شعب قاصر، وثانيهما استباحة مزدوجة للتاريخ والجغرافيا معاً، فالثمن المطلوب من الفلسطيني سواء كان في السلطة أو في أي سياق سياسي هو حسب تسعيرة تل أبيب أن يقدم توأمه قرباناً تحت قدميها.

فالمشهد الآن لا مجال للتلاعب بزواياه لانه ساطع وفاضح ويدشن حقبة من التاريخ العربي غير مسبوقة، يتولى فيها الأخ قتل أخيه أو بيع دمه في المزاد كي يظفر بشهادة حسن سير وسلوك من عدو يقضم لحمه وأرضه وذاكرته.

اجابة السلطة الفلسطينية حتى الآن على هذا الانتهاك لنخاعها ولجذور القضية كلها هو دراسة الخيارات، ومن ثم المفاضلة بينها، وبالطبع تلك خطوة أولية لا بد منها في أي رد فعل وطني. لكن أين هي تلك الخيارات، فالمقاومة في بعدها الميداني مستبعدة منذ زمن، بل اعتبرت ضرباً من الانتحار الوطني بسبب التفاوت الهائل في ميزان القوى بين محتل نووي وضحية عزلاء!

وكلما صرح أي سياسي عربي أو فلسطيني بأن نتنياهو لا يريد السلام، فهو ليس ارخميدس الذي يبشرنا بأنه وجدها، لأن رفض هذا الرجل للسلام ولد معه على ما يبدو لهذا كانت معاداته للسلام ترشح من كل سطر في مذكراته التي حملت عنوان مكان تحت الشمس!

ولم نكن بحاجة لتبديد الاعوام والوقت ومضاعفة الاستيطان وعدد الاسرى لنكشف بأن نتنياهو هو بحد ذاته أطروحة صهيونية مناقضة لاي سلام، لكن الضعف أحياناً يملي شروطه على البشر فيلوذون باللغة ومترادفاتها ومجازاتها لقول جملة غير مفيدة، كان من الممكن أن تكون واضحة بالمبتدأ الذي حددته الصهيونية كمشروع وبالخبر الذي تولته رموزها، خصوصاً من يحلمون بريادة ثانية للمشروع من طراز نتنياهو.

إن اسوأ ما في الضعف هو الرغبة في خداع الذات بحيث لا ترى غير ما تريد ولا تسمع غير صدى صوتها، فالمعادلة واضحة منذ أول سطر في هذا الصراع، وثمة طرف احترف الانكار وحوله الى مهنة تماماً كما حول أنين الضحية الى مهنة، لكن ارخميدس العربي الذي يقول لنا في مناسبة بأنه وجدها يدرك في العمق انها موجودة حتى قبل ولادته، لكن ما يحدث الآن هو محاولات لتهويد المنطق والعقل قبل تهويد الدولة!

(الدستور 2014-04-27)

 



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات