يوم غدر نظام دمشق و”البعث” السوري بالأحوازيين
“الأخلاق والإنصاف ومبادئ العدالة لا تتغير مع تغير الفصول ” المقولة الإنسانية لهربرت لورانس هذه لا تتوافق مع نظام دمشق ومنهج “البعث” السوري, فقبل ثماني سنوات, و تحديدًا في 16 مايو ,2006 سلم نظام دمشق الأمين العام للمنظمة العربية لتحرير الأحواز (ميعاد) السيد فالح عبد الله المنصوري مع نائبه ومناضلين أحوازيين آخرين إلى إيران, في حادثة اقل ما يمكن وصفها أنها جريمة مخابراتية متكاملة الأركان.
السيد المنصوري, وهو هولندي الجنسية, يحمل وسام الشرف الملكي الهولندي, كان وراء تشكيل “حكومة منفى” تحت اسم جمهورية الأحواز الديمقراطية في 27 أبريل ,2001 كان في زيارة رسمية للجمهورية السورية بصفته الأمين العام للمنظمة العربية لتحرير الأحواز (مقرها مملكة هولندا), ذلك بعد أن أبدت الحكومة السورية موافقتها على تلك الزيارة بداية العام .2006
أسباب كثيرة دفعت قيادة منظمة “ميعاد”, منذ العام 2000 للتقدم بطلب لزيارة سورية منها:تدريس تاريخ الأحواز في الجامعات السورية, والسماح للطلبة الأحوازيين بالدراسة فيها, وتوعية الشعب السوري بالقضية الأحوازية, ولمس نوعا من المساندة السورية تجاه القضية الأحوازية وبخاصة بعد لجوء الكثير من الأحوازيين الفارين من بطش طهران إلى دمشق.
حادثة التسليم, وما خلفته من صدمة لدى الأوساط السياسية والشعبية الأحوازية, اعقبت خطف أجهزة أمن سورية السيد المنصوري في 11 مايو ,2006 وذلك من منزل نائبه علي مزرعة الذي كان لاجئًا سياسيًا مسجلا في المفوضية العليا لشؤون اللاجئين في دمشق.
بعد حادثة تسليم قيادة “ميعاد” إلى إيران زار وفد من “منظمة العفو الدولية” السفير السوري في بروكسل الدكتور سلوم توفيق الذي أصدر تأشيرة دخول المنصوري إلى سورية, ليستفسر منه عن تفاصيل الحادثة, لكنه إلا أنهم فوجئ بان السفير أنكر أن يكون قد أصدر التأشيرة, كما أنكر أن يكون رأى, أو سمع عن شخص باسم فالح عبدالله رغم معرفته الشخصية به, إلا أنه تعهد أن يستفسر شخصيًا عن حادثة خطف وتسليم الرجل, وغادر بعدها بأيام إلى دمشق, ثم لم يعد إلى منصبه في بلجيكا أبدا.
منذ تلك الحادثة دأب النظام السوري طيلة ثلاثة أشهر على إنكار عملية خطف وتسليم السيد فالح عبد الله المنصوري إلى طهران, إلى أن بعث في أغسطس 2006 رسالة رسمية إلى الخارجية الهولندية معترفًا فيها بعملية التسليم, ومدعيًا أنها جاءت بعد أن دخل المنصوري الأراضي السورية بطريقة غير شرعية, حاملا جواز سفر إيرانياً, وأن الرجل كان مطلوبًا للانتربول والنظام الإيراني.
الرسالة الرسمية لنظام الأسد كانت مليئة بالافتراءات, فالرجل لم يكن مطلوبًا للانتربول, ولم يكن يحمل غير جواز سفره الهولندي.
بعد أن سُلم المنصوري إلى النظام الإيراني, نقل مباشرة إلى الأحواز وأودع في سجون عدة منها “كارون” و”سبيدار”, وذلك قبل أن تحكم عليه “محكمة الثورة” بالإعدام بعد ثلاث محاكمات صورية, تمت غيابيا ما بين يونيو ويوليو ,2007 وبناء على مجموعة تهم ملفقة من 1500 صفحة, ومن دون وجود هيئة دفاع لرفض النظام الإيراني السماح لثلاثة محامين هولنديين بدخول إيران ليمثلوا الرجل.
إلا أن ضغوطا دولية من مملكة هولندا, والبرلمان الأوروبي, والمنظمات الحقوقية غير الحكومية, والأمم المتحدة ممثلة بالسيد كوفي عنان شخصيًا مارسها في زيارة له إلى إيران, أجبرت السلطات الإيرانية على الرضوخ, فأبدلت حكم الإعدام بالسجن 30 سنة, وهو بمثابة حكم بالسجن المؤبد نظرًا الى أن الرجل من مواليد العام ,1945 إثر ذلك الحكم, أبعد الرجل إلى سجن في “سمنان” في العمق الإيراني, لا يزيد عدد المحكومين فيه عن 50 شخصا.
النظام الإيراني منذ أن تسلم المنصوري من نظام دمشق رفض أن يسمح للصليب الأحمر, ومنظمة العفو الدولية, والسفيرين الهولنديين, السابق والحالي في طهران, بزيارة الأسير, بيد أنه في نوفمبر 2007 سمح مكرها لوفد من الخارجية الهولندية بلقاء الرجل لمدة ساعة من الزمان, وفي مكان مجهول لم يستطع الهولنديون تحديده, وبحضور سلطات الاحتلال ومترجم إيراني, وقد منع الرجل من التحدث باللغة الهولندية مع الوفد خوفا من تزويدهم بمعلومات عن مكان أسره أو ظروف اعتقاله.
وخلال تلك الزيارة اليتيمة قال الأمين العام ل¯”ميعاد” للوفد :”أنني أمل أن تجد حكومتي الهولندية حلا لهذا الأمر (قضية أسره) مع السلطات الإيرانية”, غير أن المترجم حور كلام الأسير قائلا :”إنني أمل أن تبحث هولندا عن حل مع حكومتي الإيرانية”, فصحح الأسير كلام المترجم قائلا :”لقد قلت حكومتي الهولندية فأنا هولندي الجنسية”.
وفي مناسبة الذكرى الثامنة لأسر قيادة المنظمة العربية لتحرير الأحواز قال لي عضو قيادة في “ميعاد” :”إننا اليوم, بعد هذا الخنجر الذي غرس في ظهرنا, يمكننا أن نعترف أن طلباتنا المتكررة لزيارة سورية وما نتج عنها من مأساة, كانت بناءً على ثقة عمياء بنظام البعث السوري الذي يرفع شعار “أمة عربية واحدة ذات رسالة خالدة”, هذا إذا لم تكن هذه الثقة تصل إلى حد السذاجة السياسية أصلا”.