المقاومة بين (تموزين) :نسخة متطابقة..!

تم نشره الأحد 27 تمّوز / يوليو 2014 12:48 صباحاً
المقاومة بين (تموزين) :نسخة متطابقة..!
حسين الرواشدة

استلهمت المقاومة في غزة نموذج “حزب الله” الى درجة يبدو فيها العدوان الاسرائيلي ضد غزة (تموز2014 ) متطابقا نسبياً مع العدوان ضد حزب الله في لبنان(تموز 2006)، سواء في المقدمات او السياقات وربما في النتائج ايضا.
حين ندقق في آداء كتائب المقاومة في غزة نجد انفسنا امام نسخة اخرى مشابهة نسبيا لاداء حزب الله،سواء على صعيد التكتيك العسكري، أو الخطاب الاعلامي او الاداء السياسي، كما نجد أن ظروف “العدوان” متقاربة نسبياً،وكذلك المواقف الدولية، والى حدّ ما المواقف العربية والاقليمية.
من حيث الاداء العسكري، شهدنا في “الحربين” استخدام المقاومة على الجبهتين للصواريخ وللطارئات الاستكشافية،كما شهدنا نموذج القتال من خلال “الانفاق” واعتماد عنصر المباغتة، وايقاع ما يمكن من اصابات مباشرة في جنود الاعداء، والقيام بعمليات التفاف وتسلل خلف القوات المهاجمة.
على صعيد الخطاب الاعلامي، التزمت المقاومة في التجربتين بأعلى درجة من المصداقية والموضوعية، وكانت البيانات العسكرية تعبر بدّقة عن الاحداث في الميدان، لدرجة ان وكالات الانباء العالمية اعتمدت تصريحات المقاومة كمصدر موثوق به للاخبار، خلافاً للمألوف، فيما كانت وسائل الاعلام الاسرائيلية أقل التزاماً بذلك، وربما تشير حادثة “اسر” الجندي الاسرائيلي التي قوبلت بالنفي من الجانب الاسرائيلي ثم تم تأكيدها بعد نحو يومين الى التزام خطاب “المقاومة” الاعلامي بالصدقية والنزاهة في نقل الاخبار والمعلومات.
اما على صعيد الخطاب السياسي فقد كان واضحاً ان الظهور الاعلامي للمقاومة كان منضبطاً، اذ خرج رئيس المكتب السياسي لحماس مرتين فقط، احداهما لتوجيه كلمة للشعب الفلسطيني والمقاومة في بداية العدوان، والاخرى في مؤتمر صحفي للتعليق على الاحداث واعلان الموقف العام من التهدئة، فيما احتفظ الخطاب السياسي “بالهدوء” والاتزان، وحاول ان “يستثمر” في انجازات الميدان وان يوجه ما يلزم من رسائل للداخل الفلسطيني والخارج العربي والدولي بعيدا عن منطق الاستعداد او الاستجداء.
يمكن فهم هذا “التطابق” بين تجربتي المقاومة للعدوان في لبنان وغزة وفق سياقات اولها ان المقاومة في غزة استفادت من تجربة حزب الله، ورأت فيها نموذجاً ناجحاً، ثم عملت على تطويرها بما يناسب طبيعة الحرب وظروفها،وثانيها، ان العلاقات بين حزب الله وحماس والجهاد قبل “تجميدها” اثر الثورة في سوريا، مكنت المقاومة الفلسطينية من الاطلاع على التجربة القتالية لحزب الله، والحصول على تدريبات عسكرية وربماعلى اسلحة ايضا، اما السياق الثالث فهو ان الطرفين حزب الله والمقاومة في غزة اعتمدا بشكل ما على (المدرسة الايرانية ) سواء في التدريب او في الاسلحة المستخدمة او في الخبرات القتالية .
ومثلما كان اداء حزب الله 2006 مفاجئاً لاسرائيل، شكلت المقاومة في غزة صدمة لها على المستوى العسكري والسياسي ايضاً لكن اذا كانت مفاجأة حزب الله مفهومة نظراً لاعتبارات استخبارية تتعلق بعدم القدرة على الرصد والحصول على المعلومات لوجود عوائق جغرافية وامنية، فإن مفاجأة “غزة” عكست فشل “اسرائيل” في تحديد قوة المقاومة، وعجزها عن الحصول على ما يلزم من معلومات استخباراتية رغم “قدراتها” وامكانياتها والحصار الذي تفرضه على غزة وبالتالي قان “العوائق” التي منعتها من اختراق حزب الله اقل واخف بكثير من تلك المتعلقة بالفصائل في غزة، مما يؤكد استنتاجات فشلها، سواء في السيطرة والقيادة او في بالصدمة من قوة المقاومة وما لديها من اسلحة ومن استراتيجيات قتالية مثل اي جيش محترف.
للتذكير فقط، في تموز 2006هاجم البعض الحرب ضد حزب الله وادرجوها في سياق “المغامرة على اعتبار ان هزيمة الحزب تبدو محسومة، لكن النتيجة كانت عكس ذلك، كما ان انتصار حزب الله مهدّ لمرحلة جديدة، سواءً على صعيد “بروز” نجم الحزب في معادلات السياسية اللبنانية او اندحار الجيش الاسرائيلي الى ما وراء الحدود وعدم تكرار تجربة العدوان مرّة ثانية، وفي المقابل لم يتردد البعض من القاء اللوم على المقاومة في غزة في بداية الحرب،ومن توقع هزيمتها، لكن ما إن مرّت الايام الاولى حتى قلبت المقاومة معادلات الصراع، واثبتت بأنها تستطيع ان تفرض شروطها، ورغم أنها افتقدت –مقارنة بحزب الله- الحلفاء ومصادر الدعم واعتمدت على نفسها بشكل اساسي،الاّ انها “ابدعت” في تقديم صورة جديدة للمقاومة الفلسطينية، وتمكنت من تلقين الكيان الاسرائيلي درساً في الصمود والمواجهة والتضحية والحقت به مالم يتوقعه من خسائر.
ربما استيقظ السيد حسن نصرالله بعد اكثر من عشرة ايام من بداية العدوان على صورة المقاومة التي ذكرته بانجاز 2006 فقرر الاتصال مع قادة المقاومة وابدى الاستعداد لدعمها، لكن ما فعله وان كان متأخراً، يمكن ان يمهد لبروز “حالة” جديدة يستعيد فيها محور “المقاومة” (لا الممانعة) حضوره...وربما يغري اطرافاً اخرى على تغيير مواقفها...والاستثمار في هذا الانتصار الذي اعتقد انه سيكون له ما بعده.

(الدستور 2014-07-27)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات