موظف أم نائب ؟

إنشغل الوطن بقضيّة تشريع النوّاب لقانون عدلوا فيه قانون التقاعد المدنيّ ليشمل كل من أمضى منهم سبع سنوات في الخدمة الحكوميّة المقبولة للتقاعد ، ومنحوا أنفسهم فيه تقاعداً لمدى الحياة يساوي في راتبه الأساسيّ راتب الوزير ، وإنتقد المواطنون على إختلاف مشاربهم الفكريّة والسياسيّة هذه الخطوة التي إعتبروها حسب تعليقاتهم صفقةً بين الحكومة ومجلس الأمّة بشقيه الأعيان والنوّاب بعد أن إتفقا على تعديل القانون لغاية في نفس يعقوب ، وإتفقوا جميعاً على أن هذا الأمر إذا تمّ فإنّ ضحيّته المواطن الذي أثخنته جراح الوضع الإقتصادي الحرج الذي
تمر به خزينة المملكة حسبما يبشرّنا به وزراؤها ، وزاد من عدم الثقة بينه كمواطن وبين حكومة وطنه التي تفترض كلّ المباديء أن هدفها الأولَ حمايته وتحقيق حياة كريمة له .
ولكنّي وددت في غمرة هذه الإحتجاجات أن أسأل الحكومة الرشيدة ومجلس الأمّة بشقيه عن منصب العين أو النائب ، من حيث أعتباره موظفّاً ليتمّ منحه تقاعداً مدى حياته المديدة إنشاء الله ، وعليه فهل يعتبر العين أو النائب موظفّاً ؟ ، وإذا كان كذلك فإني أطالب كمواطن أردنيّ بالزام أعضاء المجلسين بالخضوع لنظام الخدمة المدنيّة الذي ينظّم العلاقة بين الحكومة وموظفيها ، وإلزامهم بالدوام الرسميّ والتفرّغ التام لمهمة عضوية أحد المجلسين ، وتقييدهم بالإجازة السنويّة الممنوحة للموظّف وهي 30 يوماً في حالتهم هذه ، وعدم جواز الجمع بين راتبين ،
والإلتزام بأخلاقيّات الوظيفة العموميّة تحت طائلة معاقبة من يخالفها ، وإحالة كلّ من يبلغ الستين من العمر أو وصلت خدمته الى الحدّ المطلوب الى التقاعد حسب نصوص النظام دون أيّ تمديدات برعت الحكومات المتتالية بمنحها لمحاسيبها ، والإلتزام التام بساعات الدوام الرسميّ والحصول على إذن مغادرة من المرجع المسؤول إذا أراد أحدهم الخروج أثناء تلك الساعات لشأن شخصيّ .
ولأنّ الكيل طفح من مثل هذه الممارسات التي تعني أولّ ماتعنيه أن غالبيّة أعضاء مجلس الأمّة يرون في الخزينة قوةً ماليّة تستطيع أن تغطّي كلفة منحهم كلّ هذه الميّزات ، وبما أنّ الأصل في وجودهم في أحد المجلسين هو تمثيلي أنا المواطن لدى الحكومة ، فإني أطالبهم بتحسين أوضاع الموظفين المدنيين والعسكريين الماديّة من خلال منحهم زيادات تتناسب مع التضخم وأنخفاض القوّة الشرائيّة للدينار ، والنظر الى المتقاعدين العسكريين والمدنيين القدامى بذات العين التي ينظرون من خلالها الى مصالحهم الشخصيّة وتحسين أوضاعهم ، بحيث تكفيهم مؤونة السؤال
أو الحاجة ، وبعد تحقيقهم لهذه المطالب فلا ضير من منحهم مايطلبون رغم أن أي قانون أو نظام مرعيّ في وطننا الغالي لاينطبق عليهم .
وللتذكير فقط فإنّ كلّ دول العالم بما فيها الأردن تخصص مكافأةً شهريّة للنائب تمكنّه من تقديم الخدمة المثلى لجمهور ناخبيه ، ومن الواضح أن مخصصّات النائب لدينا تعادل في قيمتها الماليّة مايتمّ منحه للنائب في معظم الدول التي تفوقنا دخلاً وواردات ، وهي أكثر من كافية إذا أخذنا في الإعتبار متوسط الدخل في الأردن ، أما قضيّة التقاعد هذه فلابد أن تسبر ألايّام غورها وسنعلم سببها عاجلاً أو آجلاً ، ولنا فيما قاله الشاعر العربيّ / (ستبدي لك الأيّام ماكنت جاهلاً ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد ) المثل الرائع لما يحصل ولا ندرك معناه الا بعد وقت طويل أو قصير .
(الديار الأردنية 2014-09-16)