لدى الأردنيين ماهو أعظم من الوحدة الوطنية... ولكن...!!؟

على الرغم من اللعب بالماء, وليس اللعب بالنار, الذي يتفكهن " بعمل إحصائيات لا لون ولا رائحة ولا طعم لها تنصب حول نسبة الأردنيين من العشرة ملايين أو أكثر الذين ينعمون بالهواء الأردني النقي, فإن الأردن سائر الى المستقبل السعيد بكل ثقة وإيمان وعقلانية وروية, إن كثرة الضيوف في الأردن دلالة على إنسانية الأردن فهي مؤشر ليس إيجابي فقط بل هي مؤشر يرتفع الى در.جة السمو.
ولولا وحدة الصفوف الأردنية بكل صلابة وبكل تلقائية لما تطلع الضيوف الى الفرار بجلدهم الى الواحة الأردنية التي تطفح سمنا وعسلا وأمنا وأمانا وإبتساما لا ينقطع!! كان الأردنيون معروفين بالكشرة أيام زمان, ولكنهم الآن يتدفقون ترحيبا بالدخلاء (والدخيل هو الباحث عن الأمان في كنف العظماء الأقوياء الكرماء الشهماء )وتهليلا بالضيوف. لذلك فإن إزدحام البيت الأردني بالدخلاء وبالضيوف في هذه الظروف التي تشتعل فيها النيران في المنطقة هو البرهان الأكيد على وحدة الذات الأردنية بكل إنسجام, وهو الدليل أيضا على الإعجاب بهذه الوحدة والتهافت على دعمها لأنها الأمل العربي الوحدوي الوحيد.
وإستقرار الأردن الوحدوي هو البيئة النادرة في الشرق الأوسط التي ينعم فيها كل من دخلها, في هذا الجو الآمن الأردني فإن نسبة السطو والسرقة تكاد أن تكون أدنى النسب العالمية ويخرج الانسان من بيته ليلا لا ينتابه الهوس بإغلاق الأبواب والشبابيك, هذه من الدلائل التي يفتخر بها الأردنيون, وما على المتجول الأجنبي في شوارع عمان بعد منتصف الليل يأكل الشاورما بكل أمان وبكل إطمئنان أن لا يشغل نفسه بالدخول بعمل أرقام إحصائية تنم عن نفسية عليلة أو عن نوايا معلولة. وعلى هذا المتجول الأجنبي أن يعلم أن زميله المعتمد في العديد من عواصم المنطقة أو حتى داخل عاصمته الخاصة به لا يستطيع أن يقيم في منزله إلا واصوات الإنفجارات تصم آذانه أو "حركشة " الخارجين على القانون تقض مضاجعه في الجادة الخامسة في نيويورك نفسها على سبيل المثال وليس الحصر!!
ولدى الأردن إيجابيات عظيمة متعددة لا تقتصر فقط على الوحدة الوطنية والإلتفاف حول القيادة بوعي وبإيمان عميق لا يتشابه أبدا مع مايطلق عليه إيمان "العجايز " أو إيمان "الحرس القديم "!! الأردنيون في هذه الأيام ملتزمون حتى النخاع بالوحدة الوطنية مطلوب منهم أن يتقدموا بشهامة وبأريحية لما يمكن أن أسميه بالتعبير الأردني ب "شيل الكتف " تخفيفا عن العبء الواقع على كتف المسؤول وخاصة وبالذات المسؤول الأول جلالة الملك عبد الله الثاني حفظه الله ورعاه.
فالإعجاب الشعبي الأردني بقيادته من شيم الشعب الأردني ولكن من شيمه أيضا أن يهب لشيل الحمل الثقيل كبرهان لا يحتاج الى دليل على التضامن والتكافل.
لا يكفي الاعجاب لوحده أو الولاء لوحده أو الأخلاص لوحده أو التصفيق لوحده أو الهتافات الإيجابية لوحدها, بل يجب إرداف جميع تلك التصرفات مجتمعة بالعمل الجاد الفعال التشاركي!! أي أن يتحول المجتمع الى "الكتلة الفاعلة " (حسب أحدث التوصيفات السياسية ) وتبدأ الكتلة الفاعلة بالفلاسفة أو بالمثقفين أو السياسيين أو بالقياديين أينما كان موقعهم, عليهم أن يخرجوا الى الهواء الطلق وأن شمروا عن سواعدهم بل عليهم أن يباشروا بقدح زناد الفكر ليأتينا أي واحد منهم بإبداع جديد أو إبتكار جديد أو بإسناد جديد.
وبإختصار فعلى كل واحد أن يساهم في شيل الحمل قولا وفعلا بعيدا عن السكوت أو الترقيب أو الانتظار!!
(الديار الأردنية 2014-09-29)