كم بيروت في بيروت؟؟

تم نشره الثلاثاء 30 أيلول / سبتمبر 2014 02:18 صباحاً
كم بيروت في بيروت؟؟
خيري منصور

أصدرت الكاتبة السورية ذات الهوى اللبناني غادة السمان قبل عقود كتاباً بعنوان لا بحر في بيروت، وتذكرت عنوان الكتاب على الأقل قبل أيام وأنا أبحث عن بيروت في بيروت، فشارع الحمراء حمل مقاهيه القديمة والمثقفين الذين ملأوا الدنيا وشغلوا الناس وهاجر إلى مكان ما. وأصبح عدد المتسولين وما سمي الأحذية ضعف عدد المارة، وهم على الأغلب من السوريين الذين لجأوا إلى لبنان ولأن بعض المدن تصيب عاشقيها بالنوستالجيا فقد تعمدت المرور أو الجلوس بكل المقاهي التي اقترنت أسماؤها بأسماء شعراء وروائيين ومسرحيين ورسامين وسينمائيين.ومعظم هؤلاء رحلوا عن عالمنا إما بسبب المرض والشيخوخة أو قهرا لأن ما جرى لأبهى عواصمنا يعصر القلب ويدمر الأعصاب، وكأن هناك حملات بربرية استهدفت هذه المدن، وحولت أجمل ما فيها إلى خرائب وأطلال.
لم يتبق على قيد بيروت من بيروت غير معالم عصية على الحذف، مكتبات عمر بعضها أكثر من سبعة عقود ودور نشر منها ما قضى ومنها ما ينتظر، وقبل أكثر من عشر سنوات كنا نشارك في ندوة لليونسكو ببيروت ودعانا الراحل الحريري إلى منزله في قريطم وأذكر أنه سألنا عما وجدناه جديداً في بيروت، وكان معي الصديق الراحل أبو عزمي (محمود الكايد) وهمس بأذني عبارة دفعتني إلى التردد في الإجابة.. ثم إلى الامتناع عنها. ذلك لأن الرجل الذي دعانا إلى منزله لا يتوقع على الإطلاق إجابة كالتي فكرت بها.
أما تذكري لكتاب غادة فسببه أنني أحسست بأن لا بيروت في بيروت. وهو الإحساس ذاته إزاء دمشق وبغداد وغيرهما من عواصمنا التاريخية وحواضر حضارتنا. فأنا لا أعرف كم تبقى من بغداد في بغداد ومن دمشق في دمشق؟
وقد يقول البعض أن لكل منا بيروته أو دمشقه وبغداده.. وجيلنا الذي عرف هذه العواصم في ربيعها الأخضر لا الأصفر يبحث فيها عن أناس لم يعودوا في هذا العالم وعن روائح انقرضت وتلاشت لتحل مكانها روائح جديدة تزكم الأنوف.
كانت بيروت ذات يوم نداهة العرب، وقبلتهم السياسية والسياحية والثقافية، لكنها بمرور الزمن أصبحت ضحية العرب جميعاً الذين تحاربوا فيها وليس من أجلها فأعادوا انتاجها بطبعة صحراوية.
وبيروت واحدة من أندر المدن التي تشم رائحة من يحبها فتعطيه مفتاحها، لكنها تبخل بهذا المفتاح حتى على من ينفق الملايين في ملاهيها وصالوناتها فما أشبه المدن الذكية بالنساء!

(الدستور 2014-09-30)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات