قتلى عرب برصاص عربي

وصلنا، كعرب، إلى مرحلة من الانحطاط ربما هي الأسوأ منذ سقوط بغداد بعد أن دخلها المغول عام 1258 واستباحوا المدينة وقتلهم آخر الخلفاء العباسيين وقتل نحو مليونين من أهلها ومن حولهم.
وصلنا إلى مرحلة بات الآخر -نقيض الأمة- هو الذي يحدد لنا من هو العدو، ومن نقتل من أخوتنا العرب أولا، تحت ذرائع ومبررات في ظاهرها خير لكن في باطنها شر مستطير وأهداف وأطماع مستترة كامنة في أذهان وعقول وأفئدة القائمين على الشأن العربي، باتت الولايات المتحدة الأميركية هي التي تحدد أولوياتنا وبرنامجنا، وتتحكم في مزاج الحكومات العربية وفي توجيه أهوائها نحو مصالحها الإستراتيجية.
وفي زحمة الانشغال في تحديد لائحة أعداء الأمة سقط من اللائحة، مع سبق الإصرار والترصد، الأعداء الحقيقيون، والأخطر أنهم تحولوا إلى حلفاء وأصدقاء تحت تحالف سري غير معلن ضمن دول الاعتدال العربي.
منذ سقوط بغداد في عام 2003 قتل من العرب بالرصاص الأميركي والصهيوني، وفي حروب التصفيات الطافية وحروب «الربيع العربي» ، أكثر من مليوني عربي في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين واليمن، الغالبية العظمى منهم برصاص عربي.
والأنكى من هذا وذاك أن العرب يفاخرون في قتل أشقائهم العرب بطريقة توحي بالتشفي والشماتة والاستهتار بالدم العربي، وأخذنا نسمع عبر وسائل الإعلام بأن الطيار الفلاني والطيارة الفلانية قاموا بواجبهم الوطني والقومي بمشاعر الفخر والبطولة.
لنأخذ مثلا آخر، فقد بدأت الإدارة الأميركية والغرب بشكل عام يتحدثون عن عدم قدرة الضربات الجوية ضد تنظيم «الدولة داعش» على الحسم وبالتالي حتمية التدخل البري هو أحد الحلول المطروحة، بالطبع لن يكون تدخلا لقوات برية أميركية أو غربية، وتوريطا للجندي العربي ليخوض حرب واشنطن، لتحقيق أمن واشنطن وتل أبيب بالدم العربي، بدماء إخوتنا وأبنائنا.
وتصل الصفاقة والوقاحة برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى القول إن بلاده تساعد الدول العربية في حربها على التنظيمات الإسلامية. مضيفا، دون أن نسمع توضيحا من أي جهاز إعلامي رسمي عربي: «لقد اكتشفت قيادات الدول العربية أن إسرائيل تمثل حليفاً لها في حربها ضد العدو المشترك، وهذا يفتح أمام إسرائيل فرصا كبيرة».
الغرب تعلم من دروس العراق وأفغانستان والصومال ألا يضحي بأبناء جلدته، وترك الدم العربي يسفك برصاص عربي وبأموال عربية لصالح رفاهية وأمن الإنسان الغربي، وتصفية ما تبقى من القضية الفلسطينية وملاحقة أي عداء عربي لليهود.
(السبيل 2014-09-30)