سخاء في غير محله

كما توقعنا سلفا لم يقر مجلس النواب مشروع قانون ضريبة الدخل ولم يكن الوقت السبب بل تجاذبات وتعديلات دراماتيكية عرقلت نفاذه.
مشروع القانون مثير للجدل بلا شك وإن كانت الحكومة أصلا قدمت مشروعا سخيا في جانب الافراد ومتشددا على الشركات , كانت لجنة الاستثمار النيابية أكثر سخاءا قبل أن يبسط المجلس يده كل البسط , بالرغم من كل ما ساقته الحكومة حول ضرورات القانون بنسبه المقترحة في جلب إيرادات تحتاجها الخزينة ومع كل اللقاءات النيابية والنخبوية التي عقدتها بعثة صندوق النقد لشرح رؤية من الخارج لمأزق الموازنة.
عرقلة القانون أرجأت مفاوضات الحكومة والصندوق لتعقد في واشنطن وهي بلا أدنى شك ستؤثر على سيرها هناك , لكن ثمن التأخير ستسدده الموازنة في حال إستمر الى ما بعد الربع الأول من السنة المقبلة.
مجلس النواب كان سخي السخاء عندما خفض الإعفاءات إلى 20 ألف دينار للعائلة، مع 4 آلاف دينار إضافية وزاد سخائه برفع سقف الإعفاءات إلى 28 ألف دينار، و4 آلاف دينار إضافية أيضا , لكنه وافق الحكومة تشددها في معاقبة الشركات الدافع الأكبر للضريبة وعينه كما عيونها على أرباحها مع أن عائدات الضريبة من الأفراد الأثرياء ومتوسطي الدخل لا تشكل سوى 20% في أفضل حالاتها بينما تدفع البنوك والشركات الصناعية الكبرى ويشكلون فقط 25ر0% من المكلفين 80% من الإيرادات..
من الملاحظات أن توحيد النسب الضريبية على القطاعات الاقتصادية في الفئة الواحدة لا تحقق العدالة وهو المبدأ الأساس الذي يجب أن يرتكز إليه أي قانون جديد مع أنه باليد الأخرى ربط النسبة رغم أنها ثابتة بالدخل سيحقق للضريبة تصاعديتها أي كلما زاد الدخل زادت مدفوعات الضريبة .
تبقى النظرية التي تقول أن ضريبة الدخل من عوامل طرد الاستثمار الأكثر جدلا فمن جهة تعتبر ضريبة الدخل جزء أساسي في كلفة المشروع بالنسبة للمستثمر الذي يهتم بواقع السوق ونشاطه والضرائب المفروضة على الاستهلاك وأثرها على الطلب , واستقرار التشريعات ومن جهة تعتبر عبئا ضريبيا محبطا للاستثمار.
المبالغة والقسوة بفرض الضريبة على الشرائح الأكثر تحقيقا للدخل أو بفرضها على الأرباح الرأسمالية ومع أن مثل هذا الطرح يحتاج إلى نقاش أوسع وربما ينطوي على وجهة نظر صائبة لمن يطالب بها لكن هل المطلوب أن نعاقب من يربح ؟.
الشؤال الأهم هو هل سينفع هذا السخاء الطبقة الوسطى إن كانت هي المقصودة بها ؟.
دراسة للمجلس الاقتصادي والاجتماعي عرفت اهذه الطبقة بالأفراد ممن يشكل نصيبهم من الإنفاق السنوي ضعفي خط الفقر فوجدت أنهم يشكلون 41.1 % من السكان ويجنون 37.5% من إجمال الدخل و وينفقون 42.8% من إجمالي النفقات ويعملون مجالات التعليم والصحة والخدمات المالية و العقارات والأعمال التجارية والنقل والاتصالات.
مما سبق , ليس صحيحا أن دعمها هنا , يتم بإعفاءات ضريبية , بل بتعزيز نمو القطاع الخاص ورفع مستويات الإنتاجية والابتكار والتعليم وزيادة النمو الاقتصادي.
(الرأي 2014-09-30)