تمتين العلاقة مع الجارة الشرقية

تم نشره الثلاثاء 28 تشرين الأوّل / أكتوبر 2014 01:08 صباحاً
تمتين العلاقة مع الجارة الشرقية
حسن احمد الشوبكي

يشهد الشكل الاقتصادي للتجارة عبر الطريق البرية بين الأردن والعراق تقلبات حادة على المستوى الأمني، منذ عدة أشهر. وتتبدى ملامح المغامرة قوية وعميقة بالنسبة للتجار وسائقي الشاحنات العراقيين الذين يواجهون الموت غير مرة في الطريق من طريبيل إلى الرطبة، ثم منطقة "160"، وصولا إلى الرمادي فبغداد.
عدد الشاحنات الأردنية التي كانت تعبر حدودنا الشرقية يوميا إلى المنطقة الفاصلة ما بين الحدين، لتسليم البضائع والسلع لشاحنات عراقية، كان نحو 600 شاحنة قبل التقلبات الراهنة، وتهديد تنظيم "الدولة الإسلامية" الذي يسيطر على أجزاء من العراق. وهو اليوم أقل من 200 شاحنة يوميا؛ ناهيك عن أن السائقين الأردنيين لا يكملون رحلتهم على امتداد الطريق التي تخترق غرب العراق.
المفارقة في تقلبات التجارة المحفوفة بأخطار أمنية بالغة، هي أن السائق العراقي يمضي بشاحنته بعد استلام البضائع من نظيره الأردني. وبعد ثلاثة كيلومترات من الحدود الأردنية، يصل إلى طريبيل، ومنها على بعد 80 كيلومترا إلى الرطبة؛ وهي مناطق تقع تحت سيطرة الحكومة العراقية. ويدفع السائق -ومن ورائه التاجر- رسوما جمركية على البضائع للحكومة. وبعد الرطبة وصولا إلى منطقة "160"، تكون الشاحنات خاضعة لسيطرة تنظيم "الدولة" على امتداد أكثر من 250 كيلومترا، حيث يقيم التنظيم نقاط تفتيش للشاحنات والبضائع بعد الرطبة -جمرك التنظيم- ويدفع السائق 100 دولار أو 300 دولار، وفقا لتقييم البضاعة والسلع المحملة، وختمها بختم تنظيم "الدولة"! ثم يمضي السائق في طريقه حتى يصل الرمادي، ويبقى بعد مئة كيلومتر للوصول إلى بغداد حيث يخضع مجددا لسيطرة الحكومة العراقية.
أي شقاء يعاني منه هؤلاء السائقون والتجار على طريق الموت هذه! وما السبيل لإنقاذهم من تلك المعاناة وذاك الرعب؟ ولذلك، جاء التوافق على ضرورة ضمان سلامة الطريق البرية واسعا خلال زيارة رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي أول من أمس للأردن. وهو توافق شمل شيوخ العشائر السُنّية، كما الحكومتين الأردنية والعراقية اللتين تسعيان إلى إحداث فرق في هذه التقلبات الحادة التي تجعل التبادل التجاري بين البلدين فاقدا للمضامين والدلالة، وعرضة للخسارة المفتوحة للطرفين.
لا خيار أمام العراق إلا استعادة هذه الطريق. وذات التصميم بدا واضحا في تصريحات العبادي بشأن أنبوب النفط الذي تعتزم الحكومة العراقية مده من البصرة جنوبا مرورا بمناطق الأنبار وصولا إلى العقبة جنوبا. فيما انطوت المباحثات أيضا على أمنيات متعددة بتوسيع شبكة المصالح التجارية والاقتصادية بين البلدين.
شعرت أن ثمة إدراكا لدى المسؤولين الأردنيين بعمق المصلحة الاقتصادية التي تربطنا بالعراق، وضرورة توطيد جسور الثقة مع العبادي وحكومته لتحقيق هذه المصلحة. وقد حظي الضيف تبعا لذلك بحفاوة أردنية كبيرة، وتعهد بتقديم كل أشكال الدعم والعون للأردن على المستوى الاقتصادي، لاسيما إمدادات الطاقة التي جعلت المملكة تلجأ مؤخرا لإسرائيل بسبب الحاجة الماسة إليها بأسعار غاز تقل عن الأسعار العالمية، وفقا للحكومة. في حين أن خيار العراق على المدى المتوسط، وبعد أن تضع الحرب أوزارها في هذا البلد، يبدو أكثر حكمة وجدوى للأردن؛ إذ إن الغاز الإسرائيلي سيكون سببا في تبعية اقتصادية باهظة الثمن للمشروع الصهيوني.
هناك الكثير مما يربطنا بالعراق. ولعل المصلحة الاقتصادية المشتركة في التبادل التجاري، وسلامة الطريق الدولية وتنشيط حركة التصدير، ومد أنبوب النفط وزيادة إمدادات الطاقة، ستكون سببا في توثيق عرى العلاقة وزرع الثقة من جديد، بعيدا عن الرؤوس الحامية والقتل الأعمى والنزعات المذهبية المدمرة.

(الغد 2014-10-28)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات