اجماع الأردنيين

جملة معبرة عبر من خلالها جلالة الملك في خطاب العرش أمس عن حالة وطنية وسياسية نعيشها ونقطف ثمارها وهي « إجماع الأردنيين على حماية وطنهم»، وهذه الميزة التي تحسب للأردنيين جميعاً كانت كلمة السر في تجاوز الدولة للمراحل الصعبة وبخاصة المرحلة الأخيرة وسنوات التفكيك والتفتيت التي عاشتها المنطقة وما زالت، وهذا الإجماع من الأردنيين لم يأت صدفة بل صنعته قيادة امتلكت رؤية وحكمة أفرزت مساراً عقلانياً لمرحلة قلقة ومتوترة، وعالجت تهور البعض وأحلامهم المراهقة بحزم الحكمة، وصنعت إصلاحاً لم يكن ردة فعل بل نهجاً للدولة يستمر ما أستمرت عجلة الحياة تدور.
قد تسمع في كل الدول حديثاً عاطفياً عن حماية الدولة حتى ممن يحملون معاول هدم لها، لكن صناعة إجماع عملي نلمس آثاره على الأرض هو المهمة الأصعب، لأن عامة الناس ترفض الفوضى بكل أشكالها، وتريد أمناً وحياة طبيعية وإصلاحاً راشداً، لكن عامة الناس قد لا تستطيع فرض ما تريد إن غابت عن الدولة القيادة الحكيمة، أو إن وجد المراهقون وأصحاب الأجندات طريقاً سالكاً لإدخال البلاد إلى نفق التفكيك والفوضى سعياً لسلطة أو إنتقاماً من الحاضر.
ومما ساهم في حماية الدولة القدرة على بناء موقف سليم من الأزمات المحيطة، موقف ينحاز لمصالح الأردن وأهله وأولويته حماية أمن الأردن، وهذا ما كان في الأزمة السورية التي دفع الأردن ثمناً باهظاً لعملية إشعال نيرانها وتغذيتها من البعض، وكان الصوت الأردني منذ بدايات الأزمة وحتى اليوم واضحاً في السعي لحل سياسي ومنع تحول الأرض السورية إلى ساحة للتطرف والإرهاب.
إجماع الأردنيين الذي حققته الحكمة من القيادة والناس كان بحماية وتضحيات ومهنية المؤسسة العسكرية والأمنية التي تحمل على عاتقها بصمت حماية ليس الحدود بل حماية إجماع الأردنيين على حفظ دولتهم من العبث الخارجي وضعاف النفوس وأصحاب الأجندات وتجار المراحل.
هذا الإجماع المقدس نحتاج إلى حمايته دائماً، فالأخطار لم تتلاش، والقلق حولنا ما زال حاضراً، فكل خلاف يضعف الدولة مرفوض، وكل توافق يعزز الإجماع واجب، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
الراي 2014-11-03