الهجمة على "الأقصى" ليست عشوائية

تحاول سلطات الاحتلال الإسرائيلي، أن تحرف الرأي العام عما تمارسه من انتهاكات في المسجد الأقصى المبارك، وايضا ما تمارسه من عدوان على القدس والمقدسيين. فهي مرة، تحمّل الفلسطينيين مسؤولية ما يحدث، ومرة تحمّل متطرفين ذلك، وكأن الامر ليس مخططا، او ممنهجا، من قبلها لفرض الأمر الواقع.
في السنوات الأربع الأخيرة، نشطت السلطات الإسرائيلية لفرض مخططات تهويدية واستيطانية على القدس، لتهويد هذه المدينة المقدسة التي لها مكانة خاصة لدى الفلسطينيين والعرب؛ مسيحيين ومسلمين. وطبعا، المخططات الاستيطانية كانت قبل هذه السنوات الأربع الأخيرة، لكنها، خلال هذه السنوات نشطت بشكل واضح، بحيث أصبحنا نستيقظ يوميا على مخطط استيطاني جديد في القدس. وللأسف، فإن سلطات الاحتلال تعرف ما تريد، وتخطط بشكل منظم للقيام به. والنشاط المكثف الاستيطاني في القدس مؤخرا، جاء استكمالا للمخططات المعدة سلفا، واستغلالا لظروف العرب المنشغلين بشؤونهم الداخلية.
ما يحدث الآن، من اعتداءات وانتهاكات يومية للمسجد الأقصى، ليس أمرا عشوائيا أبدا، وليس نتاج ممارسات لمتطرفين صهاينة فحسب، وإنما هو نتاج تخطيطات مسبقة لفرض الأمر الواقع الاسرائيلي. السلطات الإسرائيلية تعرف تماما حجم ونوعية الرد الفلسطيني والعربي على إجراءاتها العدوانية وانتهاكاتها في القدس والمسجد الأقصى. ولذلك، تعرف تماما، أن رد الفعل العربي لن يتجاوز الإدانة والاستنكار والتنديد، والتهديد. وتعرف تماما، أن الأوراق العربية للضغط عليها، ليست قوية لتمنعها من مواصلة مخططاتها. وهذا يدل عليه ما نشاهده حتى الآن من ردود فعل عربية على الانتهاكات الاسرائيلية لـ"الاقصى"، والتي كان أقواها الموقف الأردني والمتمثل بشكوى لمجلس الأمن الدولي، واستدعاء السفير الأردني في اسرائيل للتشاور بشأن الانتهاكات. ومع أن الموقف الأردني رسالة واضحة، إلا أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي، ستواصل انتهاكاتها ولن تتوقف، فالأمر ليس فعلا عشوائيا، بل هو عمل منظم متواصل، واذا لم يكن هناك موقف عربي قوي وواضح وآلياته واضحة، فإن اسرائيل ستصعّد إجراءاتها وانتهاكاتها بحيث تفرض أمرا واقعا، لن تستطيع ردود الفعل العربية المعتادة وقفه أو الحيلولة دون تنفيذه.
الامر الواقع الذي تسعى إلى فرضه اسرائيل، اولا على صعيد "الأقصى"؛ تقاسم زماني ومكاني بين اليهود والمسلمين للمسجد المبارك. وثانيا على صعيد القدس؛ تهويد المدينة، وخفض عدد العرب فيها، وإضعاف من يبقى، ولاحقا ضمها إلى القدس الغربية لتصبحا عاصمة الكيان الإسرائيلي. إن الامور واضحة، لكن الرد العربي بالمجمل لا يتواءم مع مستوى العدوان والمخططات الاسرائيلية.
(الغد 2014-11-08)