"الحيط الواطي" و"الدبلوماسية الهادئة"!

تم نشره الإثنين 25 كانون الثّاني / يناير 2010 01:12 صباحاً
"الحيط الواطي" و"الدبلوماسية الهادئة"!
موسى برهومة

تنكأ وفاة الأكاديمي الأردني الدكتور محمد أمين النمرات، الذي توفي في أحد سجون المملكة العربية السعودية، جراحا نود أن ندملها، ولكن الوقائع المتدحرجة تأبى إلا أن تلقي بنا في حقل كثيف من الشوك، فنروح نتقلب على أجنابنا ونتداول أسئلة تقفز إلى أذهاننا بمحض البداهة، وتتصل بالكيفية التي تتعامل فيها حكومتنا مع الإنسان الأردني في الخارج سواء أكان طليقا، أم سجينا مكبلا بالأصفاد.

ولأن الأسئلة تجر أخرى، نتذكر كيف أننا أناس شديدو الوداعة مع الآخرين، وكرماء وأصحاب نخوة، ونحافظ على الود والجيرة، وإلا كيف لنا أن نتخيل أن مواطنا من أهل بلدنا يموت في معتقل، ولا تصدر الحكومة بيانا، شديد اللهجة قليلا!!، لطمأنة الرأي العام أننا "لن نسكت" عن هذه الحادثة، ولسوف ندعو الشقيقة العزيزة إلى فتح تحقيق في هذه المأساة، إن أردنا أن نصنف ما حدث بأنه مأساة حقيقية.

ولا بد والحالة هذه أن نتساءل: لو أن الأمر مقلوب، أي لو أن الحادثة جرت لمعتقل سعودي في الأردن، فهل يكون الرد هو نفسه؟

ومع التساؤل، لا بد أن نتذكر كيف أعدنا قبل فترة زورقا إسرائيليا تجاوز الحدود الإقليمية الأردنية، إلى بلاده سالما، من دون أن نحقق، مجرد تحقيق في هذا الخطأ العابر، حيث لا نعتقد أبدا أن إسرائيل ستوفر زورقا أردنيا لو أنه تخطى شبرا في مياهها الإقليمية التي هي مياهنا ومياه أجدادنا التي أورثتنا إياها الجغرافيا، وصادق على ذلك التاريخ.

ما علينا..

دعونا نكتفي بالتذكر والتساؤل والاستفسار الذي يدمي القلب عن أحقيتنا في ممارسة السيادة بأشكالها كافة حتى أكثرها عنجهية، ونقول إن لا معنى سوى الاستهتار لسلوك الحكومة العراقية التي زارها وفد برئاسة رئيس الوزراء السابق وعدد من الوزراء الصيف الماضي، على أمل أن تعود الطائرة الأردنية وعلى متنها ولو معتقل أردني واحد، ولكن أمانينا بددتها عاصفة الخيبة.

نكرم لسوانا، ولكن سوانا لا يكرم لنا. وأخشى أن في قاع عقل سوانا انطباعا بأن "حيطنا واطي"، وبالتالي يكون لسان حالهم: لن نفرج عن أي معتقل، وأعلى ما في خيلكم اركبوه. وأعتقد أن إسرائيل تتعامل معنا بهذه الطريقة، وإلا ما معنى أن نبرم معها معاهدة سلام، ولا "نمون" عليها أن تطلق سراح معتقلينا. فما هي الميزة الاستثنائية التي توفرت لنا من خلال هذه المعاهدة البائسة؟

نكرم لسوانا، ونحافظ على حبل الود معهم كيما يظل موصولا، لذا طلبنا إلغاء تسمية شارع باسم صدام حسين في الكرك، لأن الرئيس العراقي الراحل يذكر أشقاءنا الكويتيين بالاجتياح الكريه لبلادهم.

جيد أن نكرم للآخرين. وجيد أن نحافظ على علاقة جيرة دافئة مع سورية، ولكن من دون أن يكون هذا الدفء مترافقا مع وجود معتقلين أردنيين في دمشق وجوارها.

نفسي أن تقوم الدنيا ولا تقعد لأن أردنيا يئن في بلاد الغربة، فما بالكم بمعتقل يموت؟

أدرك أن لبلادنا مصالح "استراتيجية" مع البلدان التي ذكرت. ولكن أليست كرامة الأردني، في الداخل والخارج، مصلحة استراتيجية؟

يا الله كم ترعبني فكرة "الحيط الواطي".. تماما كما ترعبني "الدبلوماسية الهادئة" التي لا تجعلها تخرج عن هدوئها إلا شاحنات تعبر الحدود معبأة بمواطنين خنقتهم قفازات الحرير الأخوي!

m.barhouma@alghad.jo



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات