من فضلك.. افتح الصفحة..!!
ما الذي يدفع المرء إلى تجاوز حالة العنت والضنك التي يمر بها سوى إحساس ذاتي عميق، يبدو عنيفاً أحياناً وهو يتفاعل بقوة مع الواقع والظروف المحيطة، ما يؤدي إلى نشوء وضع داخلي جديد تتمازج فيه رؤى الحاضر برؤى المستقبل بتفاؤلية واستعداد أكبر للتناغم والمعايشة الواعية الذكية، فيُنتج مساراً نفسياً ومعنوياً آمناً يُفسح فرصاً أكبر للإنسان ويفتح أمامه صفحات جديدة، يبدأ معها رحلة التحدي والتشكيل..!!
الكثيرون، مع الأسف، يعبّرون عن حالة العنت بمزيد من العنت، مدفوعين بنداء الهزيمة التي زرعوها في أحشائهم، ولطالما رعوها حق رعايتها، فتزدحم في أذهانهم الأسئلة والعواصف، فلا تكاد تسأل أحدهم عن الحالة..!! حتى تُواجه بعبارات من الوزن الثقيل تصف ما يمرون به وصفا مُمِضّاً فوق العادة، فيبرز سؤآل: ألم تكن لديهم فرصة أو فرص للتخلص من كل هذا الدمار الذي يتهددهم..!؟؟
في الظروف الطبيعية الاعتيادية إذْ ينتشي البعض ويبتهجون بأيام سعيدة خالية من بعض المنغصات، لا تجد من الكلمات السعيدة إلاّ ما ندر، هي فرصتهم لعدم الإسراف في السعادة، حتى لا تألفهم ويألفونها، وتعتاد نفوسهم على إفرازاتها المستقبلية، وفي المقابل، وعلى غير العادة، يفرط البعض في التهام كميات هائلة من أشهى الأطعمة والمشروبات، مدفوعين بشعور البهجة، وقد تناسوْا أن الفكرة التي دفعتهم إلى ذلك لم تهدف إلى إيصالهم حد التخمة، هي فقط تحرّكت من أجل إزاحة عوائق السواد عن طريقهم لفترة محدودة، ودون بعض المنغصات المؤلمة، كي يتمكنوا من الاستمرار والإنجاز ومتابعة المسيرة.
كثيراً ما يشوب فهمنا للواقع ولحيثياته ومعطياته غموض وأخطاء فادحة، تمر من بين أيدينا ومن أمامنا وخلفنا دون أن نشعر بها، نتحرك ونتعاطى معها بأريحية تامة دون أن نحسّ بأنها تستهدفنا، وأنها تسعى إلى تقويض طموحاتنا، وإضعاف قوانا وتضليل مسارنا، نتمسّك بالقشور، وعيوننا ترنو إلى اللباب، وكأن شيئاً من أسطر الحكايات التليدة المارقة على التاريخ تضغط على تفكيرنا لتوجيهه إلى اجتراح معضلة الفراغ وصناعة العنت..!!
نتقن صناعة العنت، لأسباب كثيرة أهمها أن كل صفحة نفتحها نسعى غالباً إلى خربشتها بأقلام الريبة والشك، ندوّن عليها كلمات جافة ليس فيها روح ولا حياة، ندمغها بلون أسود قاتم، وفي كل مرة ننهي فيها صفحة سوداء محتفين بإنجاز عظيم..!! نبكي ويعتصرنا الألم ونحن ننظر إلى جراحاتنا العميقة النازفة، ونتعهد بأن نرقب الصفحة القادمة، ونتريّث مليّاً قبل أن نضع أقلامنا عليها.. لنكتب التاريخ والحياة..!!
عندما تريد أن تتجاوز حالة العنت والضنك، لوّن فصول حياتك اليومية بالتفاؤل، ودع أفكارك الوردية تتفاعل مع مفردات الواقع الأليم، واترك رؤاك الراهنة تتمازج مع رؤاك المسقبلية، امنحها المزيد من الشعور بالدفء والأمان وهي تعبر محيط الآلام، وراهن دائماً على المستقبل..!!