مجتمع محافظ!

تم نشره الجمعة 14 تشرين الثّاني / نوفمبر 2014 02:22 صباحاً
مجتمع محافظ!
حلمي الأسمر

في مقهى ليلي، اضطررت لزيارته لشأن قاهر، جلست في ركن بعيد عن ضجيج رواده، وضباب أراجيلهم، كنت مضطرا لسماع حوار قريب، مزقني شر ممزق!
في البداية جاءت ثلاث نسوة، لم أعرف ما العلاقة بينهن، كانت الساعة تقترب من منتصف الليل، وكان مشهدا يدعو للتساؤل، فما خروج هاته النساء في هذه الساعة المتأخرة من الليل؟ وبعد قليل من الوقت، جاء ثلاثة شبان، انضموا للجلسة الموسعة، وبدأوا حديثا فهمت من خلاله أن النسوة أم وبنتاها، والشباب يافعون حديثو العمر، ودار الحديث بدون تحفظ، وإن بدأ بشيء من الإيماء، ما لبث أن افتضح أمره، وبدا أن الجلسة للتعارف، وما يتلوه في مثل هذه الحالات!
يعلم الله انني لم أكن أسترق السمع، بل إن المشاركين في حلقة «النقاش الفكري المعمّق!» لم يكونوا حريصين على «سرية المداولات» فقذفوا بمحتوى الحديث قذفا إلى مسامعي، وأنفي راغم، فضلا عن أذنيّ، طبعا لم أعرف بقرارات اللقاء ولا بالتوصيات التي أسفرت عنه في ختام الجلسة، لأنني غادرت المكان قبل الختام!
ما جرى تلك الليلة، هو فقط عينة من «التوسع» فيما يمكن أن نسميه تجارة غير شرعية ولا قانونية بالرقيق الأبيض، الذي يبدو انه تمأسس على نحو مخيف في عمان ومدننا الكبيرة، وذكّرني بحديث صوتي نشره أحد المواقع المحلية بين «زبون» ومسؤولة «فريق» من الفتيات، جرى فيه الاتفاق على كل شيء، من حيث طريقة اللقاء، والدفع، والوقت المخصص، ومستوى «البضاعة» من حيث أعمار الفتيات، وجنسياتهن، ومكان وجود الشقق المخصصة للخلوات، وفي كلا الواقعتين كانت جنسيات «البضاعة» غير أردنية.
بالتوازي مع هذين المشهدين استحضرت نوعين من الإعلانات المنشورة في بعض الصحف الإعلانية، وربما اليومية أيضا، النوع الأول يطلب «سكرتيرة» حسنة المظهر، وكنت كتبت حول هذا الموضوع في وقت مضى، وقلت آنذاك أن الظاهرة عالمية بامتياز، ولكننا في الأردن لنا نصيب منها طبعا، واستذكرت تجربة خاصة لإحداهن، قالت لي أنها قرأت إعلانا عن طلب سكرتيرة، وكالعادة الشرط الأكثر ورودا هنا هو أن تكون حسنة المظهر، بعض الإعلانات تضيف أن الخبرة غير ضرورية، والراتب بعد المعاينة، أقصد بعد المقابلة، ذهبتْ إلى الشركة التي طلبت سكرتيرة، وتمت المقابلة على خير، ما أن بدأ العمل وفي الساعة الأولى منه، حتى قال المدير: سأعطيك راتبا مقداره مائتا دينار في البداية، لكن «إذا فَهِمْتِ عليّ» سيتضاعف الراتب إلى أربعمائة دينار، في البداية لم «تفهم» السكرتيرة على وجه التحديد ما المقصود بعبارة «إذا فهمت عليّ» ولكن سرعان ما اتضح الأمر، حين طلب المدير من سكرتيرته أن تجلس بجانبه، وعلى سبيل جس النبض اقترب منها ولامس جسدها لاختبار رد الفعل، جفلت البنت، فاعتذر لها باعتبار أن الحركة كانت غير مقصودة، كرر التجربة وتكرر رد الفعل، الراتب سيكون إذن مائتي دينار لأن البنت «لم تفهم على مديرها» بل إنها لم تشأ أن تبقى مع مدير كهذا، كما قالت لي، والتجربة تتكرر كما تؤكد، وقد خصص فريق صحفي من راديو البلد كما أذكر تحقيقا استقصائيا حول هذا الأمر!
النوع الثاني من الإعلانات، تراها غالبا معلقة على أعمدة الكهرباء والجدران: إستوديو فاخر للإيجار، يومي اسبوعي شهري! ويستوقفك هنا كلمة «يومي» ماذا تعني، إن لم يكن المكان «الفاخر» خلوة غير شرعية؟
من العبث الحديث عن اجتثاث هذه التجارة الرائجة، لأن لها رعاة من أصحاب الباع الطويلة، ولكن لتكن متوارية عن أنظار الخلق، ولتُلاحَقْ مظاهر شيوع الفاحشة العلنية، كي نبقى في الحد الأدنى من وصفنا الأثير لأنفسنا باعتبارنا «مجتمعا محافظا»!

الدستور 2014-11-14



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات