هل يعود الاتحاد السوفييتي ؟

انهيار الاتحاد السوفييتي قبل ربع قرن أحدث فراغاَ كبيراً وخلخل التوازن الذي كان قائماً في النظام العالمي ، وترك أميركا تنفرد بالزعامة على قمة نظام عالمي جديد ، فهل يمكن أن يعود الاتحاد السوفييتي طالما أن الدور الذي أخلاه كقوة توازن ما زال لازماً.
الاتحاد السوفييتي الذي عاش ثلاثة أرباع قرن ، لم يكن من نتاج الشيوعية بل من نتاج روسيا قوية عملت كقطب جذب الأطراف في أوروبا الشرقية غرباً وفي آسيا شرقاً.
عندما ضعفت روسيا سقط الاتحاد السوفييتي ، ولكن روسيا أصبحت قوية الآن ، وما زالت تملك ترسانة ذرية تكفي لتدمير العالم خمس مرات ، وتتمتع بشعور قومي قوي وبقيادة طموحة ، حيث وصلت شعبية الرئيس فلاديمير بوتن في آخر استطلاع للرأي 87% ، وهي أعلى نسبة يمكن أن يصل إليها مسؤول في دولة عظمى.
من مصلحة العالم أن يعود الاتحاد السوفييتي إلى الوجود كقوة تحفظ التوازن وتمنع التعسف في استعمال القوة لفرض سياسات معينة ، وبشكل خاص فإن من مصلحة العرب إجمالاً والقضية الفلسطيينة خصوصاً أن يعود الاتحاد السوفييتي كقوة تضبط الانحياز الأميركي الأعمى لإسرائيل.
لكن السؤال يبقى عما إذا كان ممكناً بناء الاتحاد السوفييتي الجديد (ولو باسم آخر) بدون الشيوعية؟ والأرجح أن الجواب نعم ، ذلك أن الشيوعية كانت عبئاً على روسيا ، والرجوع إليها غير وارد.
إذا عاد الاتحاد السوفييتي بزعامة روسيا وبصيغة جديدة ، فسيكون ذلك نتاجاً لسياسات غربية بقيادة أميركا تعتبر استفزازاً لروسيا مثل ضم دول أوروبا الشرقية إلى الاتحاد الأوروبي أو حلف الأطلسي بشكل أصبح يشكل طوقاً حول روسيا ، ومن الطبيعي أن يكون لكل فعل رد فعل.
الاتحاد السوفييتي السابق كان صديقاً للعرب وقضاياهم سواء في مجال التسليح أو الدعم السياسي. وبقدر ما أُستعمل الفيتو الأميركي لصالح إسرائيل كان الفيتو الروسي جاهزاً لصالح العرب ، ومع ذلك فقد أسهم العرب في إسقاط الاتحاد السوفييتي بدءاً بالمجاهدين في أفغانستان وحملة التكفير والإلحاد ، بل إن أكثر العرب عروبة وقومية طرحوا شعار الحياد الإيجابي ، أي الحياد بين العدو والصديق وهي سياسة خرقاء دفعنا ثمنها غالياً وما زلنا.
الراي 2014-11-14