الاقتصاد المتوازن
تعتبر عمليّة البيع والشراء عمليّة تبادل لمجهود ... اذا النقود هى قيمة مجهود مبذول لانتاج قيمة تلبّى حاجة .
ــ اذا كان المجهود أكثر من النقود فذاك يعنى استغلال وتكديس للثروة بيد أقليّة وهى الرأسمالية المتوحشة فى المصطلحات الحديثة .
ـــ اذا كانت النّقود أكثر من المجهود فهذا تضخّم مالى ينذر بفقدان قيمة النقود والمجهود وهو دليل أزمة اقتصادية قد تصل بالدولة الى حدود انعدام الانتاج وتفشّى البطالة.
ـــ توازن المجهود والنقود يعكس اما ازدهارا كبيرا للدولة (الدول النامية والمتقدّمة) او فقرا متقعا على غرار ما هو موجود بالدول الافريقية الفقيرة .
يقول الله تعالى : والذين يكنزون الذهب والفضة ولا ينفقونها في سبيل الله فبشرهم بعذاب أليم، يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ماكنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون .... هنا تشير الاية الى الاجرام الاقتصادى الذى يعنى الاستغلال وسرقة وشلّ مجهود الاخرين مع ما يعنيه ذلك من مخاطر اجتماعية ... فى الاية دعوة لايجاد توازن بين المال والمجهود لصنع الرخاء بالانتاج الملبّى للحاجة .
فى سورة اخرى يقول المولى "يحبون المال حبّا جمّا ... اى يحبون السيطرة على مجهود الاخرين وتوضيفه لفائداهم تلبية لرغبات فردية انانية مجحفة .
فى اشارة القرآن الى المال اشارة لتجاوز نظام المقايضة الذى كان المسيطر على العالم فى ذلك الوقت واشارة لظهور العملة كقيمة لسلعة وبالتالى لمجهود .
فرض الله الزكاة لمنع تكدّس رأس المال وبالتالى منح الفقير فرصة التّمتع بمجهود غيره وفى ذلك اشارة الى ان العلاقة بين المسلم واخيه ليست ماديّة فقط باعتبار تضحية فرد بمجهوده لفائدة اخر بما فى ذلك من تجاوز للمادى الى المعنوى .
الضرائب والجزية والصدقة والزكاة والخطايا والفدية والاجرة والمتاجرة كلها وسائل لتحريك راس المال ومنع ركوده عند الفرد او الطبقة او الدولة .
الاقتصاد المتوازن يبنى على الانتاج اولا لتكديس ثروة واعادة توزيعها سلعة او قيمة لبناء مجتمع متحضّر .
حرّم الاسلام الربا لانه تبادل لمال بمال لا بسلعة وهذا الربا يؤدى حتما بالمجتمع الى انهيار الانتاج وبالتالى الركود والافلاس .
الرّبا هو اكبر وسيلة للتّآمر على اقتصاد الدول والمجتمعات .
خضوع الاقتصاد للّوبيات والمافيا والراسماليين والدولة على حساب الفرد يؤدّى حتما الى الازمات الاجتماعية من حروب وفتن وفقر وانهيار .
مأساتنا الكبرى ان اغلب سياسيينا يعانون من ركود فكرى اقتصادى يعكس جهلهم بمحرّكات المجتمع .
لا ثروة ولا ثورة بلا اقتصاد قوىّ .