«صاغيّة» والانهيار المديد

تم نشره الثلاثاء 18 تشرين الثّاني / نوفمبر 2014 01:51 صباحاً
«صاغيّة» والانهيار المديد
خيري منصور

أطلق كاتب عربي اتَّسمت اطروحاته بالجزرة على كتاب له من مئات الصفحات عنواناً يليق بالحقبة كلها، هو «الانهيار المديد» ورصد «حازم صاغيّة» في فصول هذا الكتاب، ما أصغى إليه خلال عقود فائتة من إيقاعات السقوط لكن هناك من لا يتعاملون مع المجردات أو بمعنى أدق المفاهيم لأنهم حسيون لا بد أن تقع عيونهم على الخراب لحظة سقوط ما تبقى من السقف العالق!
ويصح على هؤلاء القلة الذين ينطبق عليهم وصف ت. س. اليوت وهو مشاهدة الطائرة منذ لحظة الإقلاع وليس البحث عنها وهي تختفي بحجم عصفور بين الغيوم، لهذا تكون اطروحات من تفاجئهم الأحداث زلزالياً وبلا أي سابق حدس وتوقعات شبه جملة، الخبر فيها يبحث عن المبتدأ المحذوف بلا جدوى، فالفكر القومي ارتطم بآفاق مسدودة بعد أن جسدت النظم السياسية والأحزاب شعاراته واحتكرت حراكه على نحو يثير السخرية والإخفاق معاً، فالعاصمتان التوأمان للأيديولوجية القومية ذاتها دخلا في دراما هابيل وقابيل، وتم توظيف أنشطة اجتماعية ورياضية لترميم نرجسيات نازفة، فما لم يتحقق من نصر ضد العدو أصبح جاهزاً لإعادة تأهيله في حروب الأخوة الأعداء.
وفي تلك الفترة حدث تزامن دراماتيكي قلما يحدث بين انحسار الأيديولوجية القومية والأيديولوجية الأممية، فاليسار استدار مئة وثمانين درجة إلى اليمين كي يبدل خنادقه ويعلن حروبه على البيئة والتصحر والدفاع عن حقوق الإنسان في صيغ بالغة الالتباس الهدف منها المقايضة بفواتير تحت ذريعة المجتمع المدني.
إن التناقض الذي جرَّ الدراما القومية إلى ضواحي العالم النائية كان سببه الزعم بأن هناك نظماً سياسية وأحزاباً جسدت العروبة من ألفها إلى يائها، لهذا ما إن اسقطت التماثيل حتى بدت العروبة ذاتها هي النزيف لهذا ودعها «حازم صاغيّة» شأن الآخرين، وتحفظنا على ذلك هو أن الأخطاء الإعلامية تحولت إلى خطايا سياسية وكوارث بفضل مدرسة عبادة الفرد!
تلك التي حربت على نحو بالغ المرارة في الحرب العالمية الثانية، لكن ما ان أسفرت تلك الحرب عن خراب أوروبا ورسم أطالس جديدة حتى بدأت ردود الأفعال عنيفة ضد الأيديولوجيا وأوثانها السياسية ونذكر أن ما حدث في روسيا بعد ستالين دفع البعض إلى تدمير وتخريب كل منجزات ستالين بدءاً من السكك الحديدية، لكن هذه الفترات انتقالية ولا تدوم لكنها تملأ ذاكرة ضحاياها بالفوبيا خشية التكرار!

(الدستور 2014-11-18)



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات