حتى لا يكون عام الاصلاح مثل عام الزراعة
لاننا في البداية, وامامنا 11 شهرا, نتمنى ان لا تكون نهاية عام الاصلاح السياسي, وفق الوصف الذي أُطلق على عام 2010 مشابهة لنهاية عام الزراعة 2009 التي جاءت على صورة معاكسة, فالمزارعون يلقون بفائض انتاجهم على قارعة الطريق وبابخس الاسعار خاصة على شارع البحر الميت, في مشهد امام مرأى رجالات الحكومة في ذهابهم وايابهم من والى فنادق الخمسة نجوم في ندوات وتوصيات لا تنتهي.
عمال المياومة في الزراعة في اضراب, إما للاحتجاج على قرارات الاستغناء عنهم او للمطالبة بتصويب اوضاعهم. وهذا مؤشر على ان الانتاج الزراعي في عام الزراعة لم يُنعش هذا القطاع, ولو كان الامر كذلك لما صدرت قرارات الاستغناء عن الخدمة ولا افترشت عاملات الزراعة الطرق للتعبير عن الاحتجاج على اوضاعهن المتردية.
وفوق هذا وذاك, تصدرت وزارة الزراعة نهاية العام عناوين الاخبار في الصحافة المحلية بعد مسلسل قضايا الفساد المالي المتورط فيها عدد من الموظفين!!
وأعيد القول, لاننا في بداية العام وامامنا وافرا من الوقت "336" يوما, كمجتمع وحكومة, للعمل بجدّية ومسؤولية كي يكون العام الحالي بالفعل عام الاصلاح السياسي كما رفعت الحكومة شعارا له.
وحتى لا ينتهي بما انتهى اليه عام الزراعة, انصح الحكومة بالالتفات للنصائح والمطالب والاراء والافكار التي تنطلق من المجتمع وفعالياته, المتعلقة بالقرارات والاجراءات التي تجعل الاصلاح السياسي شيئا ملموسا, خاصة وان بيدر حصاد الاصلاح سيكون في الربع الاخير من هذا العام ممثلا بالانتخابات النيابية وولادة مجلس نواب جديد.
جوهر الاصلاح هو قانون الانتخابات, وثمرته الوحيدة التي من خلالها يُحكم على نجاحه وديمقراطيته وتقدميته هو محتوى مجلس النواب الجديد. مثل هذا الكلام, ليس استنتاجا من عندي, ولا هو من بنات افكاري, انما قاعدة في الفكر السياسي في عالم اليوم, بعد ان ظل تراثا ثبت نجاحه في الدول الاوروبية والولايات المتحدة.
لهذا لا يجوز ان نُشغل الرأي العام والاعلام والصحافة ودواوين المساء والعزاء بقصة عام الاصلاح السياسي اذا لم تفتح الحكومة ابواب الشفافية والصراحة ونشر المعلومات حول افكارها ومقترحاتها من اجل قانون انتخاب جديد, فقوانين الانتخابات في دول العالم تشرّع عادة في مجالس النواب, من اجل اشباع النقاش الوطني حولها, لانها قوانين تسعى الى نيل رضا وموافقة الغالبية العظمى من الشعب.
لا يجوز ان يطبخ القانون, خاصة في غياب مجلس النواب, خلف ابواب مغلقة, ووسط اشاعات تقول وتؤكد يوما بعد آخر, بان لا شيء سيتغير على الصوت الواحد, فاذا كان الامر كذلك لماذا حُل مجلس النواب. ولا يجوز كذلك ان يقتصر خبر اجتماعات اللجنة الحكومية المكلفة بوضع القانون على خبر يتيم يتكرر (اجتمعت وبحثت والسلام) فما فائدة وجود ناطق رسمي باسم الحكومة اذا لم يقل ان المطروح من افكار هو كذا وكذا, حتى يتيح للصحافة المسكينة فرصة العمل, بتقديم معلومة جديدة للناس لتداولها واثراء النقاش الوطني حولها, هؤلاء الناس (المواطنون) الذين ستطل الحكومة عليهم في الخريف المقبل بالقول (اخي المواطن شارك في العرس الوطني). كيف سيشاركون في عرس لم يحضروا جاهته ولا يعرفون هوية العريس ولا اصله ولا فصله?!
انا لا استجدي معلومات من مطابخ حكومية مغلقة, انما اقدّم نصيحة, قبل ان يقع اللوم في نهاية العام على الصحافة والاعلام والاحزاب والمنتديات واتهامها بالتنكر للمنجزات الديمقراطية وبانها توجه نقدا (غير وطني وغير موضوعي) للانتخابات والمجلس العتيد المنتظر.
نريد مطابخ حكومية تقدم زادا شهيا في موسم حصاد عام الاصلاح يشارك في غلاله الجميع, بدل ان تُقدّم طبخة شايطة محروقة ونتائج كالتي انتهى اليها عام الزراعة.0