بلد المؤسسات ليس مجرد شعار
اعتدنا أن نصف الأردن بأنه بلد مؤسسات ، وهو وصف حقيقي يجب المحافظة عليه وتعزيزه وليس مجرد شعار.
المؤسسات الأردنية التي ترد إلى الذهن في هذا المجال ، وتشكل العمود الفقري للدولة ، تقع في بابين: الأول يشمل الجيش وثلاثة أجهزة أمنية هي المخابرات والدرك والأمن العام ، والثاني يشمل البنك المركزي ووزارة المالية ، دون الإجحاف بحق مؤسسات أخرى لا تقل أهمية.
أما الفئة الأولى من المؤسسات فتحظى بالاحترام الشعبي والرعاية المباشرة من قبل جلالة الملك ، وتمثل الضمانة للاستقرار السياسي والأمني وحماية البلد من الأخطار الخارجية والداخلية. ومن قبيل الاحترام ، تعتبرها الصحافة خطاً أحمر.
وأما الفئة الثانية وهي البنك المركزي ووزارة المالية ، فيعتمد عليها الاستقرار الاقتصادي والمالي والنقدي ، وهو الأساس في الثقة العامة التي بدونها لا يكون استثمار ولا نمو.
توجيه الانتقادات البناءة إلى البنك المركزي ووزارة المالية ليس محـرماً ، وجانب منه ضروري إذا توفرت شروط العلم والخبرة ، أما التهجم الظالم وشن الحملات على أي منهما بما يزعزع الثقة فإنه يسيء إلى المصلحة العامة.
أسوق هذه المقولة لأفسر انحيازي إلى البنك المركزي ووزارة المالية ، بعيداً عن الاعتبارات الشخصية ، حتى لو ظن البعض ، وبعض الظن إثم ، إنني مستشار للبنك المركزي أو لوزارة المالية ، وأن لي مصلحة خاصة في تأييد ودعم المؤسستين في مجال إدارة السياستين النقدية والمالية ، مع أنه ليس لي علاقة مصلحية مع أي منهما ، لا الآن ولا في أي وقت مضى.
مما يسهل مهمتي في هذا المجال أن الأردن محظوظ بقيادات المؤسستين ، فقد تناوب على وزارة المالية وزراء أكفاء اعتبروا من أفضل وزراء المالية في العالم الثالث. وتناوب على البنك المركزي محافظون أكفاء شهدت لهم المؤسسات الدولية.
الصحافة مهمتها النقد إيجاباً وسلباً ، ومن حقها أن تعارض أية سياسة مالية أو قرار نقدي ، فهذه السياسات والقرارات ليست مقدسة ، وهي تمثل اجتهادات قابلة للتعديل والتطوير ، لكن التشكيك في سلامة الوضع المالي والنقدي أو إطلاق الإشاعات حول مستقبل الدينار لا يخدم المصلحة العامة ، خاصة عندما تمارسه جهات غير مسؤولة وغير مؤهلة لإصدار أحكام قاطعة في قضايا فنية.