الأردنيون والنشاط البدني

أمر إيجابي إطلاق المبادرة العالمية «النشاط البدني علاج في الاردن»، بعدما اظهرت دراسة وطنية ان اكثر من 60 في المئة من مجموع الوفيات سببها امراض مزمنة والتي يسهل الإصابة بها زيادة الوزن والسمنة والخمول البدني مما يزيد من احتمالية الاصابة بامراض القلب والسكري وارتفاع ضغط الدم.
لكن كيف يمكن تطبيق ذلك في ظل الظروف والأوضاع المعيشية، مع العلم أن الأردن من أقل الدول استهلاكا للحوم وقد يستغرب البعض ذلك وشريحة كبرى تعاني من نقص في بعض الفيتامينات المرتبطة باللحوك والخضراوات والفواكه، اي اننا نعيش بمجاعة وفقر وقلة الحيلة فكيف تعرضنا للسمنة فجأة؟
يبدو أن الاكثار من تناول الخبز مع الأطعمة والذي تنوي الحكومة تحرير أسعاره مطلع العام المقبل هو السبب بذلك وليس البطاطا كونها تحلق غالبا عند مستويات سعرية يصعب احتمالها، وبمناسبة الحديث عن الخمول البدني فبالتأكيد معدلات البطالة تلعب دورا أساسا في بقاء البعض خلف شاشات الكمبيوتر والتلفزيون بانتظار عمل.
أمين عام وزارة الصحة ضيف الله اللوزي الذي أعلن عن مبادرة «تحريك العضلات»، يقول إن عدم ممارسة النشاط البدني او ضعفه لدى 50 في المئة من البالغين في الاردن يشكل ناقوس خطر يستدعي تضافر الجهود وتكاملها لبناء مجتمع ينعم افراده بالصحة.
بدلا من الحديث عن البدن والرياضة كان الأجدى الحديث عن الخدمات الصحية والرعاية التي يتلقاها أهل البلد في هذا القطاع الحساس والمهم، والخوض في تفاصيل الانفاق على الصحة ومسائل التأمين وغيرها، إذ إن النشاط الرياضي ممارس لدينا في كل الأحوال بسبب البنية التحتية الفاشلة للنقل العام، أو اللهاث وراء لقمة العيش هنا وهناك.
لا تبدي المخاوف يا أمين عام الوزارة، فالأردنيون يتحركون دوما، وتحديدا ذهنيا فهم كل يوم يتساءلون عن المستقبل وإلى اين ستؤول الأمور ويبحثون عبر الانترنت إن كان البلد معرضا لتهديدات إرهابية في إقليم يغلي، ومعرفتي بهامش بسيط أن هنالك رياضة عقلية ولو أجرينا دراسة حول الموضوع لتفوق الاردنيون على معظم شعوب العالم.
العقول لدينا مشغولة بعد الرعاية الصحية بالتعليم والغذاء الفاسد وقضايا الفساد والاعتقالات وكبت الحريات ونقص المياه والفيضانات والشتاء القارس وجرة الغاز والمحروقات وتسلل اشخاص للانضمام والقتال مع التنظيمات الارهابية، نحن مشغولون لدرجة أنه من المستحيل التفكير بموضوع مبادرة «النشاط البدني» التي نعتبرها مهمة ونشكر القائمين على تنفيذها.
في كل الأحوال لا مانع بأن نمزج الإيجابي بالسلبي فيوما ما يمكن أن يصبح الخليط قابلا للتناول حتى إن لم يكن تطعيما مجانيا ضد شلل الأطفال يمكن أن يكون قراءة واقعية وشفافة لواقعنا المأساوي كما فعلت الدراسة وبجانبها المبادرة.
السبيل 2014-11-24