دوافع مطلب «الدولة اليهودية»: شهادات إسرائيلية كاشفة

تم نشره الأحد 30 تشرين الثّاني / نوفمبر 2014 01:35 صباحاً
دوافع مطلب «الدولة اليهودية»: شهادات إسرائيلية كاشفة
د. اسعد عبد الرحمن

بات «الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية» أحد أهم الشروط الإملائية الإسرائيلية، خاصة مع مصادقة حكومة (بنيامين نتنياهو) على مشروع قانون يعرّف إسرائيل كدولة «الشعب اليهودي» فقط ويحوّل فلسطينيي 48 رسميا إلى مواطنين من الدرجة الثانية. ومن الملاحظ تكاثر تصريحات السياسيين الإسرائيليين في هذا الشأن بزعم أنه الضامن الأكبر لأمن «دولة إسرائيل. ونجد هذا الشرط موضع نقاش/ صراع وبخاصة بين المؤيدين والمعارضين للنشاط الاستعماري/ «الاستيطاني». فالمعارضون يعمدون إلى إشهار سلاح «يهودية الدولة» في وجه خصومهم تحت ذريعة أن النشاط «الاستيطاني» (الذي يستدعيه بقوة مطلب «يهودية الدولة») من شأنه نسف «عملية السلام»، الأمر الذي يستتبع سقوط «حل الدولتين»، وتمهيد الطريق بالتالي أمام الحل الآخر المنذر بقيام دولة ثنائية القومية، وما ينطوي عليه من مخاطر على «يهودية الدولة».
ثمة مواقف لشخصيات سياسية وفكرية، ولقوى سياسية إسرائيلية تنتمي إلى الوسط وحتى إلى يمين- الوسط تعتبر أن الاعتراف بيهودية الدولة لا لزوم له، وأن الهدف الحقيقي منه هو «التعجيز» على درب إفشال أي مساع لإنجاح عملية سياسية مع الفلسطينيين. فمثلا، اعتبر الرئيس الإسرائيلي السابق (شيمون بيريز) أن إصرار (نتنياهو) على الاعتراف بإسرائيل «كدولة يهودية» هو أمر «غير ضروري» وقد يؤدي إلى إفشال المفاوضات مع الفلسطينيين. أما وزير المالية (يائير لبيد) فقد أكد أن مطالبة الفلسطينيين بـ»الاعتراف بإسرائيل كدولة يهودية لا لزوم لها على الإطلاق». وبصفته أيضا زعيم حزب «يوجد مستقبل» وشريك (نتنياهو) في الائتلاف الحكومي أضاف قائلا: «نتنياهو مخطئ بمطالبته الفلسطينيين الاعتراف بيهودية الدولة كشرط مسبق للاتفاق، فإسرائيل ليست بحاجة إلى اعتراف فلسطيني لكي تكون دولة يهودية». أما التصريحات الكاشفة فقد وردت على لسان رئيس «الموساد» السابق (مئير داغان)، حيث وصف مطلب (نتنياهو) من الفلسطينيين الاعتراف بإسرائيل «كدولة يهودية» بالهراء والحماقة. ومما قاله (داغان) «اذا اطلعنا على قرار الامم المتحدة المتعلق بإقامة دولة فلسطينية لعام 1947 فسنجد أنه ينص وبوضوح على أن إسرائيل ستقوم كدولة يهودية». وتساءل بحرارة: «لماذا نحن نريد اعترافا بهذا من الفلسطينيين الان؟، وهل نحن نريد اعترافا من دولة فلسطينية أصلاً هي ليست قائمة؟». وختم (داغان) بقوله أنه «يتوجب على إسرائيل، بدل الاصرار على هذا الاعتراف، الإصرار على أن لا يكون هناك حق عودة للاجئين الفلسطينيين، فموضوع اللاجئين هو الخطر الحقيقي على الدولة اليهودية». غير أن الموقف والتحليل الأوضح كان من نصيب (هيلل كوهين). ففي مقال بعنوان «الاعتراف بيهودية الدولة هو اعتراف بالهزيمة التاريخية»، كتب (كوهين) يقول: «في اتفاقات اوسلو، اعترفت القيادة الفلسطينية بدولة اسرائيل. ولكن من ناحية الفلسطينيين لم يكن ذلك اعترافا بحق اليهود في إقامة سيادة على قسم من بلادهم، بل اعتراف بواقع سياسي توجد فيه الدولة. والاعلان عن الاعتراف بدولة يهودية، المطالب به منهم الان، معناه الاعتراف في أن لليهود حقا في السيادة في البلاد، اعتراف بحق المسيرة التي حولت العرب من أغلبية في البلاد الى أقلية فيها، مع منح مصادقة على المسيرة التي حولت أغلبية الفلسطينيين الذين عاشوا في اراضي دولة اسرائيل الى لاجئين وتأكيد مكانة الفلسطينيين من مواطني اسرائيل كأجانب في بلادهم. اعطاء مثل هذا الاعتراف (فلسطينيا) هو اعتراف بهزيمة تاريخية (من قبلهم) وقبول الحكم بالظلم الذين هم ضحيته».
القصد من مطلب «إسرائيل» الاعتراف «بيهودية الدولة» هو التهرب من استحقاقات التسوية السياسية، ناهيك عن إطاحة حق العودة للاجئين الفلسطينيين الذي تكفله الشرعية الدولة، وإزالة الاحتلال الإسرائيلي بشكليه العسكري والاستعماري/ «الاستيطاني» من الأرض الفلسطينية المحتلة في العام 1967 بما في ذلك القدس الشرقية، لكي يكون بالإمكان إقامة «دولة فلسطين». فضلا عن ذلك، الاعتراف الفلسطيني «بيهودية إسرائيل» هو فتح المجال أمام إعادة تهجير لفلسطينيي 1948، ونزع الشرعية عن مواطنة مليون ونصف المليون منهم. ومن الثابت أن مصطلح «الدولة اليهودية» لن يتعامل مع اليهودية كدين، وإنما مع الدولة القومية والثقافة اليهودية، بما أنها تشكل موطنا لليهود في العالم أجمع، على حساب أصحاب الأرض الشرعيين من العرب الفلسطينيين. لذا، لا يمكن، فلسطينيا، قبول الدعوات التي تصل حد مطالبة الفلسطينيين بالتخلي عن حقوقهم ومعتقداتهم التاريخية لصالح معتقدات أو أساطير صهيونية «تاريخية»
ولنعترف: لقد تفاقمت الشهية الصهيونية هذه بعد أن تجاوز الإسرائيليون مسألة الاعتراف الفلسطيني والعربي بوجود «إسرائيل» بل وأيضا، بأحقيتها في الوجود! فهل نشحد شهيتنا العربية (والفلسطينية) من جديد ونستعيد ما أهدرناه من حقوق في ظل «مسيرة السلام» العبثية؟

الراي 2014-11-30



مواضيع ساخنة اخرى
الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية الإفتاء: حكم شراء الأضحية عن طريق البطاقات الائتمانية
" الصحة " :  97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم " الصحة " : 97 حالة “حصبة” سجلت منذ أيار لدى أشخاص لم يتلقوا المطعوم
الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع الملكة في يوم اللاجىء العالمي : دعونا نتأمل في معاناة الأمهات والرضع
3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار 3341طن خضار وفواكه ترد للسوق المركزي الثلاثاء - اسعار
الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن الدهامشة : الداخلية وفرت كل التسهيلات لقدوم العراقيين للأردن
العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا العلاوين: التوسعة الرابعة ستمكن المصفاة من تكرير 120 ألف برميل نفط يوميا
" الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار " الائتمان العسكري " : تمويل طلبات بقيمة 13 مليون دينار
العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا العيسوي يفتتح وحدة غسيل كلى بالمركز الطبي العسكري بمأدبا
الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي الصحة: مخزون استراتيجي للأمصال المضادة للدغات الأفاعي
بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان بالاسماء : تنقلات واسعة في امانة عمان
عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي عضو في لجنة الاقتصاد النيابية: بطء شديد في تنفيذ رؤية التحديث الاقتصادي
إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن إخلاء طفل من غزة لاستكمال علاجه بالأردن
تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام تسجيل 14 إصابة بالملاريا جميعها إصابات وافدة منذ بداية العام
ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي ملك إسبانيا : الأردن هو حجر الرحى في الاستقرار الإقليمي
الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة الملك : حل الدولتين أساسي لتحقيق السلام والازدهار في المنطقة
الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات الهواري يؤكد أهمية ضبط العدوى لتقليل مدة إقامة المرضى في المستشفيات