المديونية لولا الكهرباء والفوائد
في اللقاء الذي أجراه رئيس الوزراء الدكتور عبد الله النسور مع مجموعة من رؤساء التحرير والكتـّاب قدّم الرئيس ووزير المالية صورة إيجابية معززة بالارقام والنسب المئوية تدل على أن الاقتصاد الوطني والمالية العامة يسيران بالاتجاه الصحيح ويسجلان تقدماً ملموساً كما تدل مختلف المؤشرات التي تقيس الأداء الاقتصادي.
لم يكن اللقاء مفيداً للكتـّاب فقط ، بل للحكومة أيضاً التي يهمها الإطلاع على مزاج الإعلاميين الذين يشكلون الرأي العام ، مع محاولة كسبهم لجانب البرنامج الحكومي ، والاعتراف بإنجازاته، وعدم الاكتفاء بالإشارة إلى السلبيات والعيوب.
لاحظ الرئيس أن بعض الذين كتبوا عن الموازنة العامة لم يقرأوها ، ولذا استعان بوزير المالية الدكتور أمية طوقان الذي قدّم الموازنة وأشار إلى إيجابياتها من حيث زيادة الإيرادات ، وتجميد النفقات الجارية ، وتخفيض العجز ، وتحفيز النمو ، ورفع مستوى الاكتفاء الذاتي.
لاحظ الرئيس أنه لولا الكهرباء لما ارتفعت المديونية بالأرقام المطلقة إلا بنسبة بسيطة وربما انخفضت كنسبة من الناتج المحلي الإجمالي ، كما ذكر أنه لولا فوائد القروض لما كان هناك عجز في الموازنة.
هناك بطبيعة الحال فرق بين هذين العاملين ، فإلى جانب سياسة الدعم يعود الجزء الاكبر من خسائر الكهرباء إلى انقطاع الغاز المصري وارتفاع أسعار البترول في الثلاثة أرباع الأولى من السنة ، وهذا قدر لا تملك الحكومة إزاءه شيئاً ، أما كلفة الفوائد والأقساط التي تتجاوز مليار دينار سنوياً فهي نتيجة طبيعية لتراكم المديونية حيث كانت الحكومات المتعاقبة تلجأ للدين لتجنب اتخاذ قرارات غير شعبية.
لولا خسائر الكهرباء ولولا خدمة الدين لكانت الامور جيدة ولكن هذه اللولا لا تخدم غرضاً ، لأننا نستطيع القول في المقابل: لولا المنح الخارجية لما استطعنا خدمة ديوننا وتمويل مشاريعنا وتحقيق نمو اقتصادي وخلق فرص عمل. ولولا حوالات المغتربين لما استطعنا تمويل العجز التجاري. لولا تعمل بالاتجاهين.
هناك أحياناً تناقض بين الاعتبارات الاقتصادية التي تفرض قرارات صعبة والاعتبارات السياسية التي تحرص على الاستقرار الاجتماعي وشعبية الحكومة. من هذه الناحية قد تكون حكومة النسور أجرأ من غيرها في بعض الإجراءات ، ولكنها ليست بريئة من نفس التوجه كما يتضح من قول الرئيس: أن رفع أسعار الخبز مرفوض سياسياً مع أنه صحيح 100% اقتصاديا.
الراي 2014-11-30