"الأردن يقاطع"
"ابن الأردن شد الحيل.. العدو الأول إسرائيل...غاز العدو احتلال"، كلمات أطلقتها الجمعة الماضية مجموعة شبابية غير حزبية من على أدراج مجمع النقابات المهنية في العاصمة عمان للإعلان عن رفضهم لعزم الحكومة استيراد غاز من الدولة الصهيونية.
التظاهرة تلك نظمتها حركة (الأردن يقاطع) التي تشكلت مؤخرا من مجموعة من الشباب المهتمين الرافضين لعزم الحكومة توقيع اتفاقية غاز لمدة 15 سنة مع العدو الصهيوني.
بطبيعة الحال فإن حركة (الأردن يقاطع) ليست حركة صوتية ولا مجموعة شبابية تبحث عن شعبوية، ولا تتبع لتنظيمات سياسية، يسارية، أو قومية أو إسلامية، ولكنها مجموعة أرادت التعبير عن ذاتها، وتشكيل مجموعة ضغط رفضا لعزم الحكومة التوجه لاسرائيل لشراء الغاز.
حركة (الأردن يقاطع) تربت على أن هناك أرضا محتلة، ورأت ماذا يفعل الاحتلال في المدن، والقرى الفلسطينية، وبالشعب الفلسطيني الصامد المقاوم، قتلا وأسرا، واعتداء، وتعرف حجم الكره الذي يكنه الكيان الغاصب لنا في الأردن وحجم مماحكته لنا على الدوام، سواء تحرشه بمجلس نوابنا الذي وضع على صدره نجمة شرف، حتى وإن رأى البعض عكس ذلك، أو بحكومتنا.
هي حركة تعرف أن السياسة (فن الممكن) ولكنها تعرف أن ذلك لا يتطلب من اللاعبين بالسياسة التنازل عن القيم، أو خلع كل ما تربت عليه الاجيال، ولا يعني أيضا أن يصور لنا أولئك المقربون من الساسة الحكوميين ان ما يجري "خير وبركة".
حركة (الأردن يقاوم) خرجت من تراب الوطن الأردني الرافض أساسا للوجود الصهيوني في محيطنا، ومن رحم شعب لا يعترف بالكيان أصلا، واختارت أنْ لا تبدل وجهها، ولا تضع قناعا، فاختارت أن تظهر بوجه واحد، وتقول كلاما واحدا، وليس كلاما مرائيا.
عنوان حركة الأردن يقاطع كان واضحا منذ ولادتها، وانضمت إليها فورا أكثر من 60 مؤسسة مجتمع مدني، لمقاطعة الكيان الصهيوني وعدم التطبيع معه، وطالبوا العالم بفرض عقوبات عليه وسحب الاستثمارات منه، وهم يريدون أن يقولوا لنا وللعالم أن إلحاق الخسائر الاقتصادية بالكيان الصهيوني أحدى وسائل الضغط عليه وعلى من يتواطأ معه.
(الاردن يقاطع) هي حركة ضغط، ووسيلة تعبير سلمية أرادت التعبير عن موقفها ورؤيتها بطرق حضارية كفلها الدستور والقانون وشرعة حقوق الإنسان، وتعمدت إرسال رسالة للحكومة تقول لها فيها إن فريقا شعبيا ونقابيا واقتصاديا كبيرا ما يزال يرى أن مقاطعة إسرائيل واجب مقدس ويعتقد أن محاربتها اقتصاديا وسيلة ضغط يتوجب التعامل معها.
من حق حركة (الأردن يقاطع) انتقاد الحكومة، ومن حقها أن تقول لها كفى لعبا بالمصطلحات والأوصاف، وكفى قولا إنها ستستورد غاز البحر المتوسط، وليس غاز اسرائيل، ومن حقها أن تقول لنا إن الحكومة تتلاعب معنا بالألفاظ والتوصيفات، وتنهج نهجا غير شفاف عندما تستخدم مصطلح (غاز البحر المتوسط)، لأن الجهة الوحيدة التي تتحكم في هذا الحقل هي الكيان الصهيوني وبالتالي فان الاستيراد والتصدير سيكون خاضعا لموافقة حكومة اسرائيل.
في كل الأحوال قد تتعرض الحركة الشبابية لحملة من هنا وهناك وقد يخرج عليها من يقول إنها شعبوية وتبحث عن الإثارة، وقد يجد البعض لها مصطلحات مختلفة، ولكن كل ذاك يجب أن لا يفتت من عضد أولئك الشباب الذين يريدون التعبيرعن أنفسهم، وإطلاق صرخة مدوية للحكومة ولاسرائيل، بأن الشعب الأردني ما يزال يرى ماذا تفعل آلة بطشه الصهيوني يوميا في القدس الشريف والمقدسات، وماذا يفعل بالارض والشجر والحجر، يريد أن يقول للجميع إن رئة الشعب الاردني وقلبه ما يزالان يعملان، وعينه ترى، وعقله يرفض التسليم بوجود كيان قاتل غرب نهرنا المقدس.
الغد 2014-11-30