مدير سابق للموساد.. يقترح !
هناك رأي يقول بأن الصراع الفلسطيني الاسرائيلي ما كان ينبغي أن يكون أصلاً لولا تحالف الحركة الصهيونية مع الدول الاوروبية ومن ثم مع الولايات المتحدة الأميركية هذا إذا لم يُقلْ العكس اي لولا تخطيط بعض الدول الاوروبية مثل بريطانيا وفرنسا للتخلص من المشكلة اليهودية بالتواطؤ مع الحركة الصهيونية والعمل على انشاء دولة ( قومية ) لليهود في فلسطين..
وهناك رأي آخر يلحق بالأول ويقول إن التاريخ في النهاية لن يبقى خاضعاً لهذا المشروع الاستيطاني الاستعماري الاحلالي فالمؤشرات بعد ما يقرب من سبعين عاما من إنشاء دولة إسرائيل تدل على بداية العد التنازلي حتى لو أخذ وقتاً طويلاً وسبّب ألما كثيرا !
وفي ظل هذا التحليل الاستنتاجي المبسط لكنه مكثفٌ الى أبعد حد فاننا نرى البراهين تتوالى على صدق الجزء الثاني منه على الأقل وهو ما يهمنا حقاً، وآخر ما طالعتُه في هذا الصدد مقال كتبه في صحيفة هآرتس الاسرائيلية 24 /11 /2014 شبتاي شافيت المدير العام السابق للموساد بعنوان ( لاول مرة أخاف على مستقبل الصهيونية) وقد جاء فيه: اليوم ولاول مرة منذ بدأت أكوّن آرائي الشخصية أحس بالقلق على مستقبل المشروع الصهيوني، فانا متخوف من حجم التهديد المتنامي ضدنا ومن ناحية أخرى من انعدام بصيرة الحكومة وكذلك شللها السياسي والاستراتيجي، فمع ان دولة اسرائيل معتمدة على الولايات المتحدة نجد العلاقات بين البلدين قد هبطت الى مستوى غير مسبوق، كما أن أوروبا وهي سوقنا الكبرى قد بدأت تضيق بنا وتتجه لفرض العقوبات علينا والصين التي تشكل لها اسرائيل مشروعاً جذابا للتكنولوجيا المتطورة صرنا نبيعها مصادر ثروتنا الوطنية مقابل الارباح ! وروسيا تتحول تدريجيا ضدنا وتدعم وتساعد اعداءنا.. اما معاداة السامية ( وكراهية اسرائيل ) فقد بلغت ابعاداً لم تُعرف منذ ما قبل الحرب العالمية الثانية، وعلاقاتنا العامة والدبلوماسية فشلت فشلاً ذريعاً مقابل ما حققه الفلسطينيون من انجازات هامة في جميع انحاء العالم، وفي جامعات الغرب خاصةً في الولايات المتحدة نحن نخسر المنافسة معهم للحصول على تأييد الاكاديميا.. وها هي حركة المقاطعة العالمية المنظمة BDS التي يديرونها ضد اسرائيل تنمو اكثر فاكثر حتى أن فيها عدداً (ولو قليل) من اليهود.. ويزداد تزاحم الاسرائيليين على السفارات للحصول على جنسيات أخرى وبالتالي جوازات سفر اجنبية كدليل على أن الشعور بالأمان قد بدأ يتصدع.. والذي يقلقني كثيراً هو انتشار سلوك التعالي والعجرفة واحتقار الآخرين بوحي من معتقدات دينية متعصبة تهدد بتحويل الصراع الحالي الى حرب مقدسة ! وبذلك أرى أن الدولة متجهة باندفاع أعمى داخل نفق الماضي السحيق عائدة الى عصر بار كوشباBar Kochba وحربه ضد الامبراطورية الرومانية التي ارست قواعد حكمه في ارض اسرائيل لكنها أدت باليهود بعد ذلك الى ألفي عام من النفى !..
وبعد انتقادات عديدة اخرى وجهها للسياسة الاسرائيلية الحالية، استعاد مدير الموساد السابق للذاكرة قرار مناحم بيغن بتوقيع اتفاقِ مع مصر اكبر اعداء اسرائيل انسحبت اسرائيل بموجبه من سيناء التي تعادل مساحتها ثلاثة اضعاف اسرائيل نفسها وذلك كثمن للسلام، ورأى في هذا الموقف ما يعني ان بعض القيم اكثر قدسية من الارض، والسلام الذي هو حقاً روح الديمقراطية اهم بكثير من الارض.. ثم خلص اخيرا الى اقتراحه المحدد الذي يجب العمل من اجل تحقيقه على النحو التالي: اولا خلق رافعة ارخميدسية (!) توقف التدهور القائم فوراً، وثانياً استخدام مشروع الجامعة العربية ( المبادرة العربية ) لحل النزاع بادارة اسرائيلية أميركية عبر قنوات سرية مع السعودية ومصر، وقال: لست ساذجاً للاعتقاد بأن الامر جاهز للنجاح السريع بل سوف يستغرق سنوات عديدة.
وبعد.. ألا يلفت نظركم ما يوجهه للساسة الاسرائيليين مثل هذا المسؤول السابق الذي كان يحتل موقعاً في غاية الخطورة والحساسية !
الراي 2014-12-02