ماذا يفعل الزوار الإسرائيليون؟
لم يستبعد محلل شؤون الاستخبارات في صحيفة "هآرتس" يوسي ميلمان أمس، إمكانية تسلل عملاء الموساد إلى الإمارات مع وزير البنى التحتية عوزي لنداو، مستذكرا أن الموساد استعان في العام 1961 بطائرة وزير الخارجية آنذاك آبا ايبان، في تهريب القيادي النازي أدولف آيخمان من الأرجنتين إلى فلسطين المحتلة، حيث حوكم وأعدم.
هذا الكلام لم يصدر عن مؤتمر مجابهة التطبيع في النقابات، بل نقله مراسل "الغد" برهوم جرايسي عن الصحافة الإسرائيلية، وهو يتطابق مع تحليل الفورن أفيرز التي ربطت بين اغتيال المبحوح في دبي ومحاولة اغتيال خالد مشعل في عمان العام 1997، وقد ثبت بحسب روايات قائدي الموساد إبراهام هاليفي وداني ياتوم أن سفارة العدو في عمان كانت ملاذ المعتدين وموئلهم إضافة إلى فندق من فنادق النجوم الخمس.
بمعزل عن الموقف السياسي والأخلاقي من السفارة البغيضة. فعلى الدول التي تقيم علاقات ديبلوماسية مع "إسرائيل" أن تتنبه للدور الخطير الذي يلعبه الموساد تحت غطاء النشاط الرسمي للحكومة من سفارات وزيارات للمسؤولين، سواء كانوا يتعاملون في موضوع "البيئة" أم "السياحة" أم غيرها من العناوين الخادعة، فإسرائيل لم توفر الولايات المتحدة، أوثق حلفائها، من التجسس في قضية جونثان بولارد وغيره.
أما حركة حماس، فلا تُعزّى بقائد مثل محمود المبحوح، بل تُهنأ به؛ فهو لم يقبل أن يكون مجرد لاجئ في مخيم جباليا بل أسهم في تأسيس الجهاز العسكري لحماس، وعلى تعقيد ظروف الاحتلال في غزة تمكن من أسر ضابط وجندي إسرائيليين وقتلهما لاحقا، وعلى خطاه سار خاطفو فاكسمان وشاليط.
كان بإمكان المبحوح أن يتوارى ويقضي بقية حياته (نصفها مطاردة) متقاعدا مع أسرته، لكنه اختار أن يظل على خط النار من خلال عمليات شراء وتهريب السلاح.
إذا كان تهريب الدواء إلى غزة صعبا فكيف بالسلاح؟ عندما أطلق العراق تسعة وثلاثين صاروخا على إسرائيل، كانت الكلفة الحصار وتدمير البلاد وإسقاط النظام، وبحسب موقع "غلوبال سكيوريتي"، المتخصص في الشؤون العسكرية والأمنية، يذكر أن الكتائب أطلقت في العام 2008 وحده 3278 صاروخاً وقذيفة هاون على إسرائيل (بواقع 1750 صاروخاً، و1528 قذيفة).
في اللقاء الأول والأخير معه قبل نحو عام، لفيلم "التبادل" الذي سيبث على قناة الجزيرة، سئل عن تصنيفه بأن يديه ملطخة بدماء إسرائيلية، فأجاب أنه غير معني بالتصنيف الإسرائيلي وهو حركة مقاومة في "انتظار الشهادة" قالها وأطلق ضحكة.
هذا ما يتمناه قادة المقاومة، ورصيدهم في حسابات سرية عند الله. لقد نجح الموساد في اصطياد محمود المبحوح، كما نجح من قبل مع سعيد صيام وعماد مغنية وأبو علي سلامة وأبو جهاد وغيرهم، وسيظل واحدا من أقوى أجهزة الاستخبارات في العام، لكنه نجاح جزئي عندما تملأ السنبلة الميتة الوادي سنابل. ينجح عندما يزرع الرعب في نفوس الشعب الفلسطيني وقادته وتسقط راية المقاومة، والمؤكد أن الموساد فشل في هذه المهمة.