الدولة الفلسطينية والاعترافات الرمزية !
تراوح الاعترافات الاوروبية بالدولة الفلسطينية بين ما هو رمزي كاعتراف البرلمان الفرنسي وبين ما هو سياسي واخلاقي كما هي الحال في السويد والى حد ما في بريطانيا .
هذا التردد او الاعتراف بالتقسيط بالدولة الفلسطينية له سببان مباشران اولهما، النفوذ الصهيوني في الغرب وما تضغط به اللوبيات اليهودية سواء من حيث الابتزاز بالهولوكوست او بالميديا او بالاقتصاد وثانيهما، ما يفرضه الاعتراف السياسي الكامل من متطلبات قد تكون باهظة التكلفة والدول التي تقدمت خطوة سواء على استحياء او بجرأة نحو الاعتراف بالأمر الواقع تنبّه فيها الرأي العام الى ما تمارسه سلطات الاحتلال من تنكيل بشعب أعزل، فالاكاديميون بدءا من بريطانيا اعلنوا مقاطعتهم لإسرائيل وجامعاتها، وهناك مثقفون وناشطون يحركّهم الدافع الاخلاقي لمراجعة مواقف طالما ارتهنت للميديا المسيّسة والمؤدلجة والخادعة، فقد مارست الصهيونية لأكثر من ستة عقود ابتزازا لأوروبا باسم الهولوكوست، والتهديد بالتهمة الجاهزة وهي اللاسامية، وبالفعل هناك كُتّاب وفنانون عانوا من هذا الابتزاز، منهم الفنان مارلون براندو الذي افتضح الدور الصهيوني ماديا وثقافيا في هوليوود ورفض جائزة الاوسكار قائلا، انه يرفضها دفاعا عمّا تبقى من شرف في هذا الكوكب .
والسرعة القياسية التي اعترفت بها دول العالم باسرائيل لحظة إعلانها بدءا من واشنطن وموسكو تحولت الى بطء سلحفائي عندما تعلق الأمر بفلسطين وهذا ليس لغزا او أحجية، فالحق لا يعلو بمفرده اذا كان اعزلَ، إذ لا بد من مدافعين عنه ومطالبين باستعادته كي لا يتحول الى امر واقع وتغلق عليه الأبواب والافاق ! ولو سعى العرب مبكرا وبجدية للدفاع عن حقّهم لما استخفّ بهم العالم على هذا النحو غير المسبوق، وبالرغم من تباين اساليب الاعتراف بفلسطين كدولة وتفاوت الايقاعات الا ان المستقبل المنظور سيشهد تصاعدا في وتيرة الاعتراف والاعتذار معا لأن الاستيطان لن يتمدد الى المستقبل كما يحلم الحاخام الأعمى والجنرال الأرعن !
الدستور 2014-12-03