هل العرب جادّون في انتزاع حقوق الشعب الفلسطيني؟
في الدورة العادية لاجتماع الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية، الذي عقد في القاهرة في التاسع والعشرين من الشهر الماضي، أقر المجتمعون خطة للتحرك للدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن، للحصول على موافقتها على إنهاء الاحتلال الصهيوني للضفّة الغربية لنهر الأردن، وإقامة الدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967، وعاصمتها القدس، وتنفيذ قرار الأمم الممتحدة رقم 194 بعودة اللاجئين الفلسطنيين إلى ديارهم التي هجّروا منها. والمتأمّل في هذا القرار من حقّه أن يتساءل :هل هذه الأهداف- رغم التحفظ عليها- ممكنة التحقق من خلال مجلس الأمن؟ وهل هذا القرار– فيما إذا افترضنا جدلا أنّه متاح- قابل للتنّفيذ؟.
الذين اتخذوا القرار يعون تماما أنّ الوطن العربي اليوم يعيش أسوأ حالاته منذ الاستقلال، فمعظم الأقطار العربية تعيش صراعا مريرا مع شعوبها لا يرتجى لها الخروج منه على المدى المنظور، والبقية الباقية يجري تخويفها من تنظيمات متطرفة، والزجّ بها في صراعات معها. أمّا العدو الصهيوني الذي لم يعد عدوا في عرف الحكومات التي عقدت معه معاهدات في السرّ أو العلن، فهو يزداد تطرفا وعدوانية، وتتنافس أحزابه فيما بينها على تهويد الأرض، وتدنيس المقدسات. وأمّا المجتمع الدولي فعلى الرغم من إشارات ايجابية صادرة عن بعض برلماناته بالتوصية بالاعتراف بدولة فلسطين- وهي بالمناسبة توصيات غير ملزمة - فهو أعجز من أن يتحدى الفيتو الأمريكي أو أن يتقدم خطوات جادّة تغضب الكيان الصهيوني، أو اللوبيات اليهودية التي ما زالت تمسك بكثير من أوراق القوة في الغرب. فالاعتراف ببعض هذه الأهداف -أو سمّها مطالب- التي يحملها وفد الجامعة العربية أمر بعيد المنال، حتى لو نالت أغلبية أصوات مجلس الأمن الدولي، فالفيتو الأمريكي لها بالمرصاد، ولا يغترّ أحد ببعض المناكفات بين الرئيس الأمريكي باراك أوباما ورئيس وزراء العدو الصهيوني نيتنياهو، التي دفعت إليها سياسة حكومة تل أبيب وعنصريتها وإحراجها لحلفائها، حتى هذه المناكفات لم يسكت عليها الشعب الأمريكي، الذي حاسب الحزب الديموقراطي عليها، وعزّز حضور الحزب الجمهوري في مجلسي النّواب والشيوخ.
وفي ضوء هذه المعطيات تصبح خطّة التحرك العربي صيحة في واد، ونفخة في رماد، ومجرد فرقعة إعلامية، وإلهاء للرأي العام العربي، الذي يعرف تماما أن الحقوق لا تستجدى، وإنما تنتزع انتزاعا، فالسفينة لاتجري على اليبس كما يقول الشاعر العربي. ولو كانت الجامعة العربية، ومن تمثل، وما تمثل، جادة في نصرة الشعب الفلسطيني لدخلت من الباب، والباب هو الدعم الحقيقي للشعب الفلسطيني، ومقاومته الباسلة، فالذين يحاصرون الشعب الفلسطيني لا يرتجى منهم نصرته، والذين يشيطنون المقاومة الفلسطينية، ويتهمونها بالإرهاب، لا يمكن بحال أن يكونوا جادّين في تحرير الأوطان، وانتزاع الاستقلال، والذين يقيمون علاقات طبيعية مع العدو، وينسّقون معه في مختلف المجالات، لا يمكن التصديق بأنّهم جادّون في مسعاهم، وهذه حقيقة باتت مكشوفة تماما، يقول رفيف دروكير المعلق في قناة التلفزة الصهيونية العاشرة: (إن سلوك الأنظمة الرسمية العربية يعدّ أحد الأسباب التي تدفع الائتلاف الحاكم الذي يقوده نتنياهو إلى سنّ قانون الدولة القوميّة، فمهادنة البيئة الإقليمية العربية تمنحه القدرة على المضي قدما في سنّ القانون دون ممانعة دولية).
أما أمريكا التي يرتجي وفد الجامعة العربية منها تمرير القرار، فهي التي زوّدت سلاح الجوّ الصهيوني قبل أيام بثلاثة آلاف منظومة للقنابل الذكية، كما ذكرت وكالة الأنباء الأردنية، وأما الذين يريدون دولة مستقلة عاصمتها القدس فهم الذين يقولون على لسان عدنان الضميري الناطق باسم أجهزة أمن السلطة (نحن مخلصون للاتفاقيات الأمنية مع(إسرائيل) : بعد كل هذا من حقنا أن نتساءل :هل العرب جادّون في انتزاع حقوق الشعب الفلسطيني؟
السبيل 2014-12-07