قمة ملكية مسنودة بدعاء الضحايا وضعف الإقليم
على وقع هدير طائرات التحالف وتفجيرات داعش وصراخ الاقليم، تأتي القمة الاردنية الامريكية الاعتيادية في مثل هذا الوقت من كل عام تقريبا، حاملة معها قلقا حذرا عكس سابقاتها الموصوفة بالتفاؤل الحذر، بحكم عوامل متعددة تطال ملفات القمة الاعتيادية – عملية السلام والارهاب وتشابكات الاقليم - ولكن اهم عوائقها انفلات عقد حكومة نتنياهو الشريك الافتراضي في عملية السلام وغياب ابتكار حلول عادلة من مطبخ القرار الامريكي لهذا الملف وازدياد تمدد التطرف والارهاب في الاقليم ووصوله الى حدود المملكة المفتوحة لتدفق اعداد لاجئين تنأى عن حمله دول عظمى وليس موازنة منهكة مثل موازنتنا .
كعادة القمم الاردنية الامريكية، لن تكون هناك خلافات في التشخيص بين الادارتين، وستساعد الخزانة الامريكية المملكة بالدعم النقدي واللوجستي مع تفاؤل بزيادة مقدار الدعم بعد ان تضاعفت الاعباء والمسؤوليات الاخلاقية للدولة الاردنية التي لا تستطيع التخلي عن دورها الاخلاقي والسياسي في الاقليم المُنهك من غياب معظم دوله الفاعلة والتهائها بإشكالياتها الداخلية، فمصر التي زارها الملك قبل القمة مع اوباما مثقلة بالهموم الداخلية ودمشق الرسمية خارج حسابات الادارة الامريكية والعراق يبحث عن نفسه والخليج لم يستكمل ملفاته الداخلية العالقة بانتظار قمة الدوحة لحسم المواقف .
الملك استبق القمة كالعادة بحوارات مع حلقات صنع القرار في العاصمة واشنطن، والملك شكّل الصورة لواقع السياسة في واشنطن من خلال تلك اللقاءات التي افرجت عن مضمون واحد تقريبا على مسار السلام، امريكا ليس لديها ما تقدمه الآن على محور القضية الفلسطينية بعد انفراط عقد الحكومة الاسرائيلية وخروج حزبين من التحالف وبقاء الاكثر تطرفا داخلها وعلى رأسهم نتنياهو المؤمن بالتصعيد مع طهران وضرورة الاعتراف بيهودية الدولة من العرب والفلسطينيين واستكمال بناء المستوطنات بشكل يقضي على القدس كاملة وعلى طموح قيام دولة فلسطينية متصلة لاحقا.
الصورة اكثر وضوحا لدى الادارة الامريكية حيال الارهاب رغم عقم انتاجية الصورة الامريكية الواضحة، فالحرب البرية هي الهدف وبأيدٍ عربية وهذه هي الخشية الاردنية فهذا يعني ان تدفق اللاجئين سيرتفع الى الحدود الخارجة عن سيطرة الاقليم برمته وليس الاردن فقط وانتقال العنف الى كل العواصم بما فيها عمان التي سبق لها تجربة الام الارهاب في فنادقها، وسيدفع الاقليم ثمن عدم انصات الادارة الامريكية للنصائح الاردنية المتكررة سواء تلك النصائح الشخصية من الملك او الحلول الرسمية المقدمة والتي عانت من عبثية الادارة الامريكية في تقدير العواقب .
القمة الحالية تحمل دلالة ايجابية واحدة ان الاردن يذهب الى واشنطن الآن بضغط اقل من الضغط الواقع على الادارة الامريكية رغم ثقل المسؤولية الاخلاقية والمالية على الاردن وبتقدير اعلى لدوره المقبل واحترام اوسع لتشخيصه، مما يعني ارتفاع قيمة الاردن السياسية وضرورة ان يواكب هذا الارتفاع القِيَمي ارتفاع في فاتورة الدعم المالي والسياسي والاقليمي، فدول المال عليها تمكين الاردن اقتصاديا لمواجهة اعباء الايام المقبلة وبالضرورة فإن الاستماع الى نصيحة الملك الدائمة بضرورة الحل السياسي في سوريا تلك النصيحة التي بدأت تجد صدى حتى عند الدول الاكثر تطرفا ضد النظام السوري قد بان نضجها ودقتها، ولعل المبادرة الاردنية الفرنسية تسهم في رفع منسوب الضغط على اسرائيل اذا استمعت الادارة الامريكية الى النصائح الاردني بآذان صاغية.
الملك يذهب الى واشنطن مسنودا بقوة أخلاقية عالية وبإرشيف سياسي مليء بالنصائح الايجابية والتشخيص الدقيق مما يضمن حُسن الاستماع والتقدير، لكن سنده الاقليمي اقل من اي مرة سابقة رغم حساسية الاقليم من نشاط الملك في واشنطن وتقدير دوائر صنع القرار هناك لرأيه سابقا وهذه ميزة الآن يسندها دعاء الثكالى والاطفال والمُهجرين بالنجاح فهذه من اسباب النصر كما يقول الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام في الحديث الشريف .
(الدستور 2014-12-06)