الموازنة العامة بين يدي النواب
تمثل الموازنة العامة خطة عمل لسنة مقبلة وليست مجرد جداول تستند إلى مبدأ تصريف الأعمال أي الاستمرارية. وهي تشمل جميع الضرائب والرسوم من جهة وكل الخدمات العامة التي تقدمها الحكومة من جهة أخرى ، فهي أهم وثيقة مالية واقتصادية واجتماعية.
إعداد الموازنة له ُبعدان: فني وسياسي ، وهنا نلاحظ أن وزارة المالية وأجهزتها ودوائرها هي المؤهلة لمراعاة النواحي الفنية ، أما النواب فيتركز دورهم على البعدين السياسي والاجتماعي للموازنة.
ما يهم النواب بالدرجة الأولى ما إذا كان هناك ضرائب جديدة تفوق قدرة المواطنين ، فهم يمثلون المواطنين ، ولا ضريبة بدون تمثيل ، كما يهمهم كفاية الخدمات المقدمة للمجتمع وخاصة: الأمن ، التعليم ، الصحة ، الطرق والمرافق العامة.
لا يدخل النواب في التفاصيل وتفاصيل التفاصيل ، فهم يركزون على الصورة الكبيرة والاتجاه العام كما تقيسه مؤشرات الموازنة. وفي مقدمة هذ المؤشـرات: الانخفاض أو الارتفاع في العجز بالمقارنة مع ما كان في السنة السابقة ، نسب نمو الإيرادات والنفقات ومدى واقعيتها وانسجامها مع النمو الاقتصادي العام. انعكاسات الموازنة على المديونية ، وما نسبة ارتفاعها ، وهل تأخذ اتجاهاً تصاعدياً أم تراجعياً ، الاكتفاء الذاتي محسوباً على أساس نسبة تغطية النفقات الجارية من الإيرادات المحلية.
ومما لا شك فيه أن النفقات الرأسمالية تستحق وقفة طويلة ، فما هي المشاريع تحت التنفيذ والمشاريع الجديدة ، وما نسبة الإنفاق من المنحة الخليجية ، وهل هناك مشاريع غير ذات أولوية من حيث النمو وتوليد فرص العمل ، وهل هي موزعة على المحافظات بعدالة.
يقف النواب عادة أمام بند الدعم فهل يصل إلى مستحقيه ، وهل تتحمله الموازنة ، وهل يؤدي لأية اختلالات كالإسراف أو الفساد.
ولما كان النواب يأتون من محافظات مختلفة فيهمهم بالتأكيد حصة محافظاتهم من الإنفاق الرأسمالي ، ومواضع الإنفاق وفق أولويات المجتمع المحلي.
مشروع الموازنة المقدم لمجلس النواب يستحق في رأيي درجة جيد جداً ، وربما كانت وزارة المالية بشكل خاص والحكومة بشكل عام قد ظلمت نفسها عندما تعهدت بتجميد الإنفاق العام ، وتحقيق نسـبة نمو عالية في الإيرادات المحلية ، وتخفيض معدل نمو المديونية ، وضبط خسائر الكهرباء.
الراي 2014-12-07