الوضوح في الهدف والصدق في الوسائل!
أخذت حكومة السيد الرفاعي تشجيعاً غير متوقع من النخب، وأوساط الرأي العام غير الحزبية.. ويشعر الناس أن عكوف الوزراء على وضع خطط عمل قبل مرور شهرين على بداية توزيرهم، وتقديمها لجلالة الملك.. إنما هو التزام جدي. فلم يعد من المقبول أن نستعيد بيان الثقة الوزاري الذي نردده خلال ربع القرن الماضي: ستعمل حكومتنا على تنمية الصناعة، وتوسيع مساهمة الزراعة في الدخل القومي، واصلاح الجهاز الإداري...الخ. وإنما المطلوب الآن: كيف؟!. ومتى؟!. فالعمل الحكومي مطلوب منه الدخول في التفاصيل، ووضع رزنامات للإنجاز، وتحديد حجم النمو في كافة القطاعات. فالناس يفهمون معنى اهتمام الملك بوضع الطعام على المائدة، ولكنهم أكثر اهتماماً بالمشاركة في المراقبة وصنع القرار، سواء على مستوى القرية.. أو المحافظة ومجلسها المرتقب. أو المجلس النيابي وقانونه الانتخابي الجديد. فالملك هو الآن القوة المحرّكة لقاطرة التطوّر والنمو.. لكنه غير قادر على الاستمرار إذا لم يشاركه الناس في تحمّل المسؤولية.. ليس بالتصفيق والهتاف لشخصه، وإنما بالعمل المنتج، وشجاعة الخطوة، والولاء الوطني والقومي.
أيام الشعارات التي أطلقها الديكتاتوريون لم تعد تستهوي أحداً. فالوحدة ليست اشعاراً وقصائد وجمع أصفار وإنما هي تراصف كيانات سياسية قوية وقادرة في كيان ديمقراطي واحد!!. فقد ثبت أن الديكتاتور القادم على دبابة ليغتصب الحكم ليس ضمانة للوحدة أو لتحرر الأمة أو لتقدمها. وقد جربنا هذا الحال طيلة نصف قرن تمزقت فيها الوحدات الطبيعية، وتمزقت فيها الكيانات الممزقة أصلاً. فما يحدث الآن في العراق وكنا نسميه بروسيا العرب، وما يحدث في فلسطين والسودان واليمن.. وما يجري تحت الرماد في كل كيان عربي هو نتيجة طبيعية لجرائم الديكتاتوريات العسكرية التي حكمتنا بالوحدة والمخابرات والقمع!!.
يريد الملك عبد الله ونريد أردناً يحكمه العقل والخلق لا العسكر ولا الحالمون، ولا العملاء. يريد ونريد حكومات ملتزمة بأهداف الوطن: التقدم والحرية والخبز والكرامة. وببرامج عملية تتم على أساسها الانتخابات ومحاسبة الحكومات!.