عناوين وأهداف الحراك السياسي الأردني
في الحركة بركة، والحراك السياسي والدبلوماسي الاردني بلغ مداه حتى وصل الذروة من اجل مواجهة التحديات الداخلية والاقليمية التي تحيط بالمملكة في هذه المرحلة المصيرية، حيث استقر الاردن وسط محيط ملتهب، ووسط عملية امنية وسياسية يعاد فيها تشكيل الوعي والحدود، حسب نتائج فرضها الاقتتال الاهلي على قاعدة اجندات ومصالح متشابكة تخص اطرافا عديدة.
لذلك نرى مدى اهمية زيارات وجولات الملك عبدالله الثاني التي شملت عددا من الاقطار العربية والدول الغربية، وفي مقدمتها زيارة العمل الى واشنطن، والتي تستحق المتابعة في مغزاها ومعناها ونتائجها. فالحراك السياسي الذي يقوده جلالته في هذه المرحلة يسير في مسارين لتحقيق هدفين، الاول داخلي والثاني عربي واقليمي.
عندما ننظر وندقق في تفاصيل الخريطة الجغرافية والسياسية للتطورات الخطيرة في المنطقة نرى ان الاردن يتوسط هذا الواقع الملتهب، وهويؤثر ويتأثر بالاحداث، وان كان آمنا مستقرا، الا انه يخشى تبعاتها وتداعياتها ونتائجها، لذلك يسعى الى الوقاية والحفاظ على امن واستقرار الاردن، وابعاد الشر عنه، الذي يتمثل بالارهاب والعنف والفوضى، وكل ما يحمله الفكر المتطرف، والذي تحول من تنظيم محدود العدد والعدة الى تيار موجود على امتداد ديمغرافي وجغرافي واسع.
من هذا الواقع المحيط بنا، ومن اجل مواجهة هذه التحديات، قاد جلالته الحراك السياسي الدبلوماسي الاردني، على قاعدة شبكة علاقاته الجيدة والطيبة مع قادة الاقطارالعربية والدول الغربية، والتي شملت واشنطن، لتحقيق عدة اهداف اولها دعم الاردن اقتصاديا بتوفير المساعدات والقروض اللازمة وجذب الاستثمارات لتعزيز التقدم التنموي والاصلاح الاقتصادي، ومشاركة المجتمع الدولي في مساعدة الاردن على استمرار تحمله اعباء تدفق اللاجئين السوريين، ولجوء اعداد كبيرة من المواطنين العرب، من اقطار قريبة وبعيدة هربا من القتال الدائر في بلادهم.
وفي زيارته الاخيرة الى واشنطن اجرى جلالته مباحثات مهمة مع قادة دوائر صنع القرارفي اميركا، والتقى زعماء الاكثرية والاقلية في مجلسي الشيوخ والنواب، وكانت مباحثات مثمرة على الصعيدين الاقتصادي والسياسي والامني، في ضوء التطورات الاقليمية الاخيرة.
وخلال مباحثاته ركز جلالته على التطورات في القدس المحتلة، بعد الضغوط التي مارستها الادارة الاميركية، نتيجة التدخل الاردني، لوقف الاعتداءات الاسرائيلية على المقدسات الاسلامية والمسيحية، ووقف استهداف المسجد الاقصى المشمول بالرعاية الهاشمية، وقد يكون هذا الموقف من بين عناصر انفجار الوضع داخل حكومة نتنياهو، واحياء الصراع بين اقطاب الصهيونية الدينية والصهيونية العلمانية، لإدراك بعض الوزراء بان نتنياهو يعمل على دفع اسرائيل الى عزلة دولية، والى حروب دينية. كما اكد جلالته على تمسك الاردن بحل الدولتين، من اجل تحقيق الامن والسلام في المنطقة.
وحمل جلالته هموم وقضايا عربية اخرى، فجدد دعوته الى ايجاد حل سياسي للازمة في سوريا، وتحقيق الامن في العراق والتمسك بوحدة ارضه وشعبه عبر حل سياسي عادل بمشاركة كل اطيافه وطوائفه. اضافة الى حث الولايات المتحدة والدول الغربية على دعم مصر التي تخوض حربها ضد الارهاب.
هذه بعض عناوين نتائج الحراك السياسي والدبلوماسي الذي يقوده الملك عبدالله في هذه المرحلة التاريخية المفصلية، عبر توظيف علاقات وامكانيات وقدرة الاردن على لعب دور ايجابي في تحقيق التهدئة واحياء لغة الحوار السياسي لحل المشكلات العربية، وانهاء الازمات الاقليمية، عبر القنوات السياسية البعيدة عن العنف والفوضى، لأن ما يحدث على الارض عملية تغيير خطيرة تهدف الى اعادة تشكيل الوعي، وتفكيك الدول لاعادة تقسيم المنطقة.
الراي 2014-12-08