إجابات 86 سـؤالاً: خارطة طريق شاملة
لأن إجابات جلالته على ستة وثمانين سؤالاً وجهها إليه الصحافي الأميركي تشارلي روز أُعتبرت من قبل وسائل إعلام كونية كثيرة بأنها وضعت النقاط على الحروف بالنسبة لكل القضايا الرئيسية المتعلقة بالزلازل السياسية والعسكرية التي تضرب الشرق الأوسط وجعلت بقاء العديد من دوله موضع أسئلة وتساؤلات متعددة وجعلت أنظار أهل الكرة الأرضية مركزة على هذه الدول نظراً لأن الإرهاب المتمثل بـ»داعش» و»النصرة» وغيرهما بات يشكل كوابيس مرعبة حتى للإنسان العادي في آخر هذه المعمورة.
فإنه على الإعلام الأردني بكل أشكاله وأنواعه وبكل صحفه وقنواته ألاَّ يتعاطى مع حديث جلالته هذا ،الذي جاء كخارطة طريق عملية ودقيقة لكل القضايا الملحة موضع إهتمام أهل هذه المنطقة والعالم، بالأساليب التقليدية ,المطلوب هو حمل كل الجهات المعنية إن في بلدنا المملكة الأردنية الهاشمية وإن في الوطن العربي بكل دوله وأيضاً إنْ في الهيئات الدولية التي من المفترض ألاَّ تكتفي بشتم الإرهاب ووصف ما يجري في الشرق الأوسط بأنه في منتهى الخطورة بل أنْ تبادر إلى تحويل هذا الحديث الذي إنشغلت به وسائل الإعلام العالمية كلها إلى برامج وإلى خطط لترجمة ما تضمنه من حلول لمشاكلنا ومشاكل العالم وأخطرها الظاهرة الإرهابية المرعبة.
علينا نحن هنا في الأردن ألاَّ نفعل ما بقينا نفعله في كل مناسبة كهذه المناسبة بأن نستنزف أنفسنا ونستنزف الحدث ثم بعد ذلك نخمد وكأن شيئاً لم يكن وكأن ما قاله جلالة الملك مجرد معلقة من معلقات العرب وكأنه ليس مطلوباً أن نتعامل معه على الأقل بالطريقة التي تعامل بها الأميركيون حيث كان هناك تحرك سريع من قبل صُنَّاع القرار والقيادات الأساسية في الحزبين الرئيسيين ،الحزب الديموقراطي والحزب الجمهوري، لإلزام الرئيس باراك أوباما بإعادة النظر بالأساليب والسياسات التي تعامل بها مع قضايا الشرق الأوسط وأهمها الأزمة السورية والقضية الفلسطينية.
ولهذا فإن المنتظر من قبل حكومتنا ،الحكومة الأردنية، أن تعيد النظر بكل قضايانا الداخلية وأن تجعلها تتلاءم مع ما جاء في هذا الخطاب إنْ بالنسبة لإنعكاسات الربيع العربي وإن بالنسبة للحريات العامة والمسيرة الإصلاحية وإن أيضاً بالنسبة للمسألة الحزبية وإشكالات الإخوان المسلمين وتعزيز هيبة الدولة وبالنسبة للأشقاء الذين أضطروا إلى اللجوء إلى بلدنا من سوريا ومن العراق ومن فلسطين.. إننا بحاجة إلى ترجمة ما جاء في هذا الحديث التاريخي بالفعل إلى خارطة طريق واضحة بالنسبة لمواقفنا من القضية الفلسطينية وما سيترتب على الحل المطلوب في المستقبل.. إننا بحاجة إلى خارطة طريق جديدة بالنسبة لعلاقاتنا العربية وعلاقاتنا الإقليمية وأيضاً علاقاتنا الدولية.
إن المنتظر أن ينقل وزير خارجيتنا النشط ما جاء في هذا الحديث إلى الجامعة العربية في هيئة خطط عمل وإقتراحات مدونة وإن المطلوب أن يكون هناك توجه عربي جديد تجاه إفريقيا وتجاه المنظومة الإسلامية وأيضاً تجاه مجلس الأمن والأمم المتحدة.. عندما يصف جلالته في حديثه هذا الإرهاب بأنه غدا قضية دولية وأن المواجهة معه يجب أن تكون حرباً عالمية فإنه علينا أن ننقل هذا إلى الأشقاء العرب وإلى الجامعة العربية وإلى منظمة المؤتمر الإسلامي وإلى الإتحاد الأوروبي.. إنه علينا أن نسارع إلى بلورة خارطة طريق مختصرة وعملية ومفهومة وأن نقنع الأشقاء العرب بتبنيها ليقوموا بدورهم كمجموعة ومن خلال جامعتهم العربية وكل هيئاتها المتخصصة لنقلها إلى إطارنا الإقليمي وإلى المجموعة الدولية من خلال الأمم المتحدة.
لقد ركز جلالته في هذا الحديث كثيراً على القضايا العربية الملتهبة التي هي بعد القضية الفلسطينية الأزمة السورية والمشكلة العراقية والمشكلة الليبية والتي هي مشكلة الإرهاب الذي بات يهدد هذه المنطقة كلها والعالم بأسره وهذا يجب أن يشكل وبالضرورة خارطة طريق لنا ولأشقائنا العرب ولمجالنا الإفريقي والإسلامي ولأصدقائنا فالعالم كله إنطلاقاً من منطقتنا بات يقف على مفترق طرق على غرار ما حدث بعد الحرب العالمية الأولى والحرب العالمية الثانية.. ربما يكون هناك رسم خرائط كونية جديدة وربما تكون هناك وضعية إقتصاد عالمي غير هذه الوضعية الموروثة.. لقد أوضح جلالة الملك في هذا الحديث محددات كثيرة وعلينا ألاَّ نكتفي بالأهازيج والتصفيق كما في كل المرات السابقة.. إننا أصبحنا أمام إمتحان تاريخي وعلينا أن ننجح في هذا الإمتحان.
الراي 2014-12-09